للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنسائه: «أيتكن صاحبة الجمل الأديب تسير، أو تخرج حتى ينبحها كلاب الحوأب؟» والحوأب نهر بقرب البصرة والأديب الأزب وهو الكثير شعر الوجه. قال ابن دحية والعجب من ابن العربي كيف أنكر هذا الحديث في كتاب الغوامض والعواصم له! وذكر أنه لا يوجد له أصل وهو أشهر من فلق الصبح. وروي أن عائشة لما خرجت، مرت بماء يقال له الحوأب فنبحتها الكلاب، فقالت: ردوني ردوني فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كيف بإحداكن إذا نبحتها كلاب الحوأب» «١» . وهذا الحديث مما أنكر على قيس بن أبي حازم. وأما قول الشاعر:

شكا إلى جملي طول السرى ... يا جملي ليس إلى المشتكى

صبرا جميلا فكلانا مبتلى

فمعلوم أن الجمل لا ينطق، وإنما أراد التجوز ومقابلة الكلام بمثله كقوله «٢» تعالى: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ

وكقول عمرو بن كلثوم «٣» :

ألا لا يجهلن أحد علينا ... فنجهل فوق جهل الجاهلينا

وكقول الآخر:

ولي فرس للحلم بالحلم ملجم ... ولي فرس للجهل بالجهل مسرج

فمن رام تقويمي فإني مقوم ... ومن رام تعويجي فإني معوج

يريد: أكافىء الجاهل والمعوج لا أنه امتدح بالجهل والاعوجاج. وأما قوله تعالى: حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ

«٤» فأراد به الحيوان المعروف لأنه أعظم الحيوانات المتداولة للإنسان جثة فلا يلج إلا في باب واسع كأنه قال لا يدخلون الجنة أبدا قال الشاعر:

لقد عظم البعير بغير لب ... فلم يستغن بالعظم البعير

وقرأ ابن عباس ومجاهد الجمل بضم الجيم وتشديد الميم وفسر بحبل السفينة الغليظ. وسم الخياط هو بخش الإبرة أي ثقبها وقد ألغز فيها الشاعر فقال:

سعت ذات سم في قميصي فغادرت ... به أثرا والله يشفي من السم

كست قيصرا ثوب الجمال وتبعا ... وكسرى وعادت وهي عارية الجسم

وكنية الجمل أبو أيوب وأبو صفوان. وفي حديث أم زرع زوجي «لحم جمل غث على رأس جبل وعر» . وفي سنن أبي داود عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم «أهدى عام

<<  <  ج: ص:  >  >>