للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحديبية في هداياه جملا كان لأبي جهل بن هشام في أنفه برة من فضة يغيظ بذلك المشركين» «١» .

قال الخطابي وفيه من الفقه أن الذكران في الهدي جائزة. وقد روي عن ابن عمر أنه كان يكره ذلك في الإبل ويرى أن تهدى الإناث منها. وفيه دليل أيضا على جواز استعمال اليسير من الفضة في لجم المراكب من الخيل وغيرها وقوله: يغيظ بذلك المشركين، معناه أن هذا الجمل كان معروفا لأبي جهل، فحازه النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يغيظهم أن يروه في يده صلى الله عليه وسلم، وصاحبه قتيل سليب. وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه عن العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقلنا: يا رسول الله هذه موعظة مودع فما تعهد إلينا؟ فقال صلى الله عليه وسلم:

«قد تركتكم على بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، واياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وعليكم بالطاعة وإن كان عبدا حبشيا فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد» «٢» . والأنف الجمل المخزوم الأنف الذي لا يمتنع على قائده. وقيل: الأنف الذلول ويروى كالجمل الآنف بالمد وهو بمعناه: وفيه أن قيد انقاد وإن أنيخ على صخرة استناخ» والنواجذ بالذال المعجمة الأشهر أنها أقصى الأسنان أي تمسكوا بها كما يتمسك العاض بجميع أضراسه. وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم «ضحك حتى بدت نواجده» «٣» . والمراد ههنا الضواحك وهي التي تبدو عند الضحك لأنه صلى الله عليه وسلم كان ضحكه تبسما.

وروى الإمام أحمد أبو داود النسائي عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال «٤» : «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك الجمل، وليضع يديه ثم ركبتيه» . قال الخطابي: حديث وائل بن حجر أثبت من هذا وهو ما رواه الأربعة عنه أنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه. وروى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه «أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم على جمل فأعيا، فنخسه النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له وقال: اركب فركب فكان أمام القوم قال فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: كيف ترى بعيرك؟ فقلت: قد أصابته بركتك قال: أفتبيعنيه؟

فاستحييت ولم يكن لي ناضح غيره، فقلت: نعم. فما زال صلى الله عليه وسلم يزيدني ويقول: والله يغفر لك حتى بعته بأوقية من ذهب، على أن لي ركوبه حتى أبلغ المدينة. فلما بلغتها، قال صلى الله عليه وسلم لبلال: اعطه الثمن وزده. ثم رد صلى الله عليه وسلم علي الجمل» «٥» . وفي كتاب ابن حيان من حديث حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر رضي الله تعالى عنه، قال: «استغفر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليلة البعير، خمسا

<<  <  ج: ص:  >  >>