بالذربة، وأصله ومن ذرب المعدة وهو فسادها. وقيل: أراد سلاطة لسانها وفساد منطقها مأخوذة من قولهم: ذرب لسانه، إذا كان حاد اللسان لا يبالي بما يقول، والعيص بالعين والصاد المهملتين أصل الشجر والمؤتشب الملتف وقوله لطت بالذنب، وهو بالطاء المهملة، أراد به أنها منعته بضعها من لطت الناقة بذنبها، إذا سدت فرجها به، إذا أرادها الفحل. وقيل: أراد توارت وأخفت شخصها عنه، كما تخفي الناقة فرجها بذنبها، وكان الأعشى المذكور شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم إمرأته وما صنعت، وأنها عند رجل منهم يقال له مطرف بن بهصل، فكتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى مطرف:«انظر امرأة هذا معاذة فادفعها إليه» . فأتاه «١» بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم فقرأه عليه، فقال لها: يا معاذة هذا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيك وأنا دافعك إليه. فقالت: خذ لي العهد والميثاق وذمة النبي صلى الله عليه وسلم، أن لا يعاقبني فيما صنعت، فأخذ لها ذلك ودفعها مطرف إليه فأنشأ يقول:
لعمرك ما حبي معاذة بالذي ... يغيره الواشي ولا قدم العهد
ولا سوء ما جاءت به إذ أزلها ... غواة رجال اذينا جونها بعدي
وقال الزمخشري في تفسيره قوله «٢» تعالى: إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ
استعظم كيد النساء على كيد الشيطان، لأنه، وإن كان في الرجال كيد، إلا أن النساء ألطف كيدا، وأنفذ حيلة، ولهن في ذلك رفق وبذلك يغلبن الرجل. ومنه قوله تعالى: وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ
«٣» والنفاثات من بينهن اللاتي لهن ما ليس لغيرهن من البوائق. وعن بعض العلماء أنه قال: أنا أخاف من النساء أكثر مما أخاف من الشيطان، لأن الله تعالى يقول «٤» : إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً
وقال «٥» في النساء: إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ
وفي تاريخ «٦» ابن خلكان، في ترجمة عمر بن أبي ربيعة، قال: بينما عمر بن أبي ربيعة يطوف بالبيت، إذ رأى امرأة تطوف بالبيت، فأعجبته فسأل عنها فإذا هي من البصرة، فكلمها مرارا، فلم تلتفت إليه وقالت: إليك عني فإنك في حرم الله في موضع عظيم الحرمة، فلما ألح عليها ومنعها من الطواف، أتت محرما لها، وقالت له تعالى معي أرني المناسك، فحضر معها فلما رآها عمر بن أبي ربيعة عدل عنها، فتمثلت بشعر الزبرقان «٧» بن بدر السعدي:
تعدو الذئاب على من لا كلاب له ... وتتقي مربض المستأسد الضاري «٨»
فبلغ المنصور خبرهما، فقال: وددت أن لم تبق فتاة في خدرها إلا سمعته. وكانت ولادة عمر بن أبي ربيعة في الليلة التي قتل فيها عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فكان الحسن البصري يقول، إذا جرى ذكر ولادته: أي حق رفع وأي باطل وضع، وغزا في البحر فأحرقوا السفينة فاحترق، وذلك في سنة ثلاث وثمانين.