يا مبدىء يا معيد، يا فعالا لما يريد، أسألك بعزك الذي لا يرام، وبملكك الذي لا يزول، وبنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك، وبقدرتك التي قدرت بها على جميع خلقك، أن تكفيني شر الظالمين أجمعين. وقد ذكر بعضهم قصيدة ذكر فيها أسماء جماعة من الأولياء قدس الله أسرارهم فمنها:
شيبان قد كان راعي ... وسر سره ما اختفى
فاجهد وخلّ الدعاوى ... إن كان لك شيء بان
وفي الرسالة، في باب كرامات الأولياء، أن سهل بن عبد الله التستري «١» ، كان في داره بيت تسميه الناس بيت السباع، كانت السباع تجيء إليه فيدخلهم ذلك البيت، ويضيفهم ويطعمهم اللحم ثم يخلي سبيلهم.
وفي كفاية المعتقد في ذكر ما زوي لهم من الأرض من غير حركة، وهو أفضل من الطيران في الهواء، والمشي على الماء، عن سهل بن عبد الله التستري، قال: توضأت يوم جمعة ومضيت إلى الجامع، وذلك في أيام البداية، فوجدته قد امتلأ بالناس، وقد هم الخطيب أن يرقى المنبر، فأسأت الأدب ولم أزل أتخطى رقاب الناس حتى وصلت إلى الصف الأول فجلست، وإذا عن يميني شاب حسن المنظر طيب الرائحة عليه أطمار الصوف، فلما نظر إلي قال: كيف نجدك يا سهل قلت: بخير أصلحك الله وبقيت مفكرا في معرفته لي وأنا لم أعرفه، فبينما أنا كذلك إذ أخذني حرقان بول فأكربني، فبقيت على وجل خوفا أن أتخطى رقاب الناس، وإن جلست لم يكن لي صلاة فالتفت إلي وقال: يا سهل أخذك حرقان بول؟ فقلت: أجل فنزع حرامه عن منكبيه فغشاني به، ثم قال: اقض حاجتك وأسرع لتلحق الصلاة. قال: فأغمي علي فلما فتحت عيني، وإذا بباب مفتوح فسمعت قائلا يقول: لج الباب يرحمك الله، فولجت فإذا أنا بقصر مشيد عالي البنيان شامخ الأركان، وإذا بنخلة قائمة وإلى جانبها مطهرة مملوءة أحلى من الشهد ومنزل لإراقة الماء، ومنشفة معلقة وسواك، فحللت لباسي وأرقت الماء ثم اغتسلت وتنشفت بالمنشفة فسمعت مناديا: يا سهل إن كنت قضيت أربك فقل: نعم، فقلت: نعم. فنزع الحرام عني فإذا أنا جالس مكاني ولم يشعر بي أحد. فبقيت مفكرا في نفسي وأنا مكذب نفسي فيما جرى فقامت الصلاة فصليت ولم يكن لي شغل إلا الفتى لأعرفه، فلما فرغت تتبعت أثره، فإذا به قد دخل إلى درب، فالتفت إلي وقال: يا سهل كأنك ما أيقنت بما رأيت؟ قلت: كلا، قال: فلج الباب يرحمك الله، فنظرت الباب بعينه فولجت القصر فنظرت المطهرة والنخلة والحال بعينه، فمسحت عيني وفتحتهما، فلم أجد الفتى ولا القصر.
وإنما ذكرت هذه الحكاية لأنها من جملة العجائب عند غير هذه الطائفة، ولا يكاد يؤمن بها كثير من الناس ولها احتمالات منها: أنه يحتمل أنه نقل من مكانه لما أغمي عليه إلى حيث شاء الله من غير شعور منه، ثم أعيد إلى مكانه لطفا من الله تعالى وكرامة لأوليائه.