الحروف، الطامة في الطاء، امحها. وقيل: إنه وجدت ورقة في مجلس أبي عبيدة فيها هذا البيت وبعده «١» :
فأنت عندي بلا شكّ بقيتهم ... منذ احتلمت وقد جاوزت تسعينا
وروي أن أبا عبيدة خرج إلى بلاد فارس قاصدا موسى بن عبد الرحمن الهلالي، فلما قدم عليه، قال لغلمانه: احترزوا من أبي عبيدة فإن كلامه كله دق، ثم حضر الطعام فصب بعض الغلمان على ذيله مرقا، فقال له موسى: قد أصاب ثوبك مرق، وأنا أعطيك عوضه عشرة أثواب، فقال أبو عبيدة: لا عليك فإن مرقكم لا يؤذي، أي ما فيه دهن، ففطن لها موسى وسكت.
توفي أبو عبيدة في سنة تسع ومائتين، وهذا أبو عبيدة بالهاء والقاسم بن سلام أبو عبيد بغير هاء، وكلاهما من أهل اللغة. ومعمر بفتح الميمين بينهما عين مهملة ساكنة وآخره راء مهملة.
وكان والد أبي عبيدة من قرية من أعمال الرقة، يقال لها باجروان، وهي القرية التي استطعم أهلها موسى والخضر عليهما السلام، كذا قاله ابن خلكان وغيره، وتقدم في باب الحاء المهملة، في الحوت عن السهيلي أن القرية المذكورة في القرآن برقة، والله تعالى أعلم.
وروى الطبراني، في الدعوات والبزار برجال ثقات، من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «٢» : «إذا تغولت لكم الغيلان، فنادوا بالأذان، فإن الشيطان إذا سمع النداء، أدبر وله جصاص» . أي ضراط. قال النووي، في الاذكار: إنه حديث صحيح، أرشد صلى الله عليه وسلم إلى دفع ضررها بذكر الله تعالى. ورواه النسائي، في آخر سننه الكبرى، من حديث الحسن عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه، بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل فإذا تغولت لكم الغيلان فبادروا بالأذان» .
قال النووي رحمه الله تعالى: ولذلك ينبغي أن يؤذن أذان الصلاة، إذا عرض للإنسان شيطان، لما روى مسلم عن سهيل بن أبي صالح أنه قال: أرسلني أبي إلى بني حارثة، ومعي غلام لنا أو صاحب لنا، فناداه مناد من حائط باسمه، فأشرف الذي معي على الحائط، فلم ير شيئا، فذكرت ذلك لأبي، فقال: لو شعرت أنك ترى هذا ما أرسلتك، ولكن إذا سمعت صوتا فناد بالصلاة، فإني سمعت أبا هريرة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إن الشيطان إذا نودي بالصلاة أدبر» .
وروى مسلم عن جابر بن عبد الله، أنه قال إن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا عدوى ولا طيرة ولا غول»«٣» . قال جمهور العلماء: كانت العرب تزعم أن الغيلان في الفلوات، وهي جنس من الشياطين، تتراءى للناس وتتغول تغولا أي تتلون تلونا، فتضلهم عن الطريق وتهلكهم، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وقال آخرون: ليس المراد بالحديث نفي وجود الغول، وإنما معناه إبطال ما تزعمه العرب، من تلون الغول بالصور المختلفة واغتيالها، قالوا: ومعنى لا غول، أي لا تستطيع