للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن تضل أحدا. ويشهد له حديث آخر: «لا غول ولكن السعالي» ، قال العلماء: السعالي بالسين المهملة المفتوحة والعين المهملة سحرة الجن كما تقدم.

ومنه ما روى «١» الترمذي والحاكم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه، أنه قال:

كانت لي سهوة فيها تمر، فكانت تجيء الغول كهيئة السنور، فتأخذ منه فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «اذهب فإذا رأيتها فقل بسم الله أجيبي رسول الله» . قال: فأخذها فحلفت أن لا تعود فأرسلها، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ما فعل أسيرك» ؟ قال: حلفت أن لا تعود.

قال صلى الله عليه وسلم: «كذبت وهي معاودة للكذب» . قال: فأخذها مرة أخرى فحلفت أن لا تعود فأرسلها، ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ما فعل أسيرك» ؟ قال: حلفت أن لا تعود، قال صلى الله عليه وسلم: «كذبت وهي معاودة للكذب» قال: فأخذها، وقال: ما أنا بتاركك حتى أذهب بك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: «إني ذاكرة لك شيئا آية الكرسي، اقرأها في بيتك فلا يقربك شيطان ولا غيره. فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «ما فعل أسيرك» ؟ فأخبره بما قالت، فقال صلى الله عليه وسلم: «صدقت وهي كذوب» . قال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

وهذا روى مثله البخاري، فقال: قال عثمان بن الهيثم: حدثنا عوف عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، وذكر القصة، وفيها فقلت: يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله.

فقال صلى الله عليه وسلم: «ما هي» ؟ قلت: قال: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي كلها فإنه لا يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح. وكانوا أحرص شيء على الخير. فقال صلى الله عليه وسلم: «وأما إنه صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة» ؟ قال: لا. قال صلى الله عليه وسلم: «ذلك الشيطان» . قال النووي رحمه الله: وهذا الحديث متصل، فإن عثمان بن الهيثم أحد شيوخ البخاري الذين روى عنهم في صحيحه.

وأما قول أبي عبد الله الحميدي في الجمع بين الصحيحين إن البخاري أخرجه تعليقا، فغير مقبول، فإن المذهب الصحيح المختار عند العلماء، والذي عليه المحققون أن قول البخاري وغيره قال فلان، محمول على سماعه منه، واتصاله إذا لم يكن مدلسا. وكان قد لقيه، وهذا من ذلك، وإنما المعلق ما أسقط البخاري فيه شيخه أو أكثر، بأن يقول: في مثل هذا الحديث قال عوف أو قال محمد بن سيرين أو قال أبو هريرة.

وروى الحاكم في المستدرك وابن حبان عن أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه أنه كان له جرين تمر، وكان يجده ينقص فحرسه ليلة فإذا هو بمثل الغلام المحتلم، قال: فسلمت فرد علي السلام، فقلت: من أنت ناولني يدك؟ فناولني، فإذا يد كلب وشعر كلب! فقلت: أجني أم إنسي؟ فقال:

بل جني. فقلت: إني أراك ضئيل الخلقة أهكذا خلق الجن؟ قال: لقد علمت الجن أن ما فيهم أشد مني! فقلت: ما حملك على ما صنعت؟ قال: بلغني أنك رجل تحب الصدقة، فأحببت أن أصيب من طعامك، فقلت: فما يجيرنا منكم؟ قال: تقرأ آية الكرسي، فإنك إن قرأتها غدوة، أجرت منا حتى تمسي، وإن قرأتها حين تمسي أجرت منا حتى تصبح. قال: فغدوت إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>