رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته فقال:«صدقك الخبيث» . ثم قال: صحيح الإسناد.
وروى الحاكم أيضا عن أبي الأسود الدؤلي، قال: قلت لمعاذ بن جبل: حدثني عن قصة الشيطان، حين أخذته. فقال: جعلني رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدقة المسلمين، فجعلت التمر في غرفة، فوجدت فيه نقصانا، فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذا الشيطان يأخذ منه، قال: فدخلت الغرفة وأغلقت الباب علي، فجاءت ظلمة عظيمة، فغشيت الباب ثم تصور في صورة أخرى، ثم دخل لي من شق الباب، فشددت إزاري علي، فجعل يأكل من التمر فوثبت عليه فضبطته فالتفت يداي عليه، فقلت: يا عدو الله ما جاء بك ههنا؟ فقال: خل عني فإني شيخ كبير ذو عيال، وأنا فقير وأنا من جن نصيبين، وكانت لنا هذه القرية قبل أن يبعث صاحبكم، فلما بعث أخرجنا منها فخل عني فلن أعود إليك، فخليت عنه. وجاء جبريل عليه السلام فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما قال.
قال: فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، ثم نادى مناديه أين معاذ؟ فقمت إليه. فقال صلى الله عليه وسلم:«ما فعل أسيرك يا معاذ» ؟ فأخبرته، فقال:«أما انه سيعود» . قال: فعدت فدخلت الغرفة، وأغلقت علي الباب، فجاء الشيطان، فدخل من شق الباب فجعل يأكل من التمر، فصنعت به كما صنعت في المرة الأولى، فقال: خل عني فإني لن أعود إليك. فقلت: يا عدو الله ألم تقل في المرة الأولى لن أعود ثم عدت؟ قال: فإني لن أعود، وآية ذلك أن لا يقرأ أحد منكم خاتمة سورة البقرة، فيدخل أحد منا في بيته تلك الليلة. ثم قال: صحيح الإسناد.
وفي مسند الدارمي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، قال: خرج رجل من الإنس فلقيه رجل من الجن، فقال له: هل لك أن تصارعني؟ فإن صرعتني علمتك آية، إذا قرأتها، حين تدخل بيتك، لم يدخله شيطان، فصارعه فصرعه الإنسي. وقال: إني أراك ضئيلا شخيتا، كأن ذراعيك ذراعا كلب، أفهكذا أنتم أيها الجن كلكم أم أنت من بينهم؟ فقال: إني منهم لضليع، ولكن عاودني الثانية، فإن صرعتني علمتك، فصرعه الإنسي. فقال: تقرأ آية الكرسي، فإنها لا تقرأ في بيت إلا خرج منه الشيطان له حبج كحبج الحمار، ثم لا يدخله حتى يصبح. فقيل لعبد الله: أهو عمر؟ قال: ومن عسى أن يكون إلا عمر! قوله: الضئيل، معناه الدقيق النحيف، والشخيت الهزيل الخسيس المجفر الجنبين، والضليع الوافر الأضلاع، والحبج الضراط. وقوله إلا عمر بالرفع بدل من محل من، ومحله الرفع بالابتداء. وقد تقدم في باب الجيم في الكلام على لفظ الجن حديث في مسند الدارمي بهذا المعنى.
والذي ذهب إليه المحققون أن الغول شيء يخوف به ولا وجود له كما قال «١» الشاعر:
الغول والخل والعنقاء ثالثة ... أسماء أشياء لم توجد ولم تكن
ولذلك سموا الغول خيتعورا وهو كل شيء لا يدوم على حالة واحدة ويضمحل كالسراب وكالذي ينزل من الكوى في شدة الحر كنسج العنكبوت قال «٢» الشاعر: