وروى البخاري عن سعيد المقبري، أنه قال: سمعت أبا هريرة رضي الله تعالى عنه يقول:
قال «١» النبي صلى الله عليه وسلم: «من احتبس فرسا في سبيل الله تعالى إيمانا بالله عز وجل واحتسابا وتصديقا بوعده فإن شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة» . يعني حسنات.
وروى مالك عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «٢» : «الخيل لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر» ، فأما الذي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله تعالى، فأطال لها في مرج أو روضة، فما أصابت في طيلها ذلك من المرج أو الروضة كانت له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها ذلك فاستنت شرفا أو شرفين كانت أبوالها وأرواثها له حسنات، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن تسقى منه كان ذلك له حسنات، فهي لذلك أجر، ورجل ربطها تغنيا وتعففا ولم ينس حق الله تعالى في رقابها ولا ظهورها فهي لذلك ستر، ورجل ربطها فخرا ورياء ونواء لأهل الإسلام فهي على ذلك وزر.
وسئل «٣» صلى الله عليه وسلم عن الحمر فقال: «ما أنزل الله علي فيها شيئا إلا هذه الآية الجامعة الفاذة فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
«٤» وقد تقدم قريب من ذلك.
وروى ابن حبان، في صحيحه عن أبي عامر الهوزني، عن ابن كبشة الأنماري، واسمه عمرو بن سعد، أنه أتاه فقال: أطرقني فرسك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أطرق فرسا فعقب له كان له كأجر سبعين فرسا حمل عليها في سبيل الله تعالى، وإن لم يعقب كان كأجر فرس حمل عليها في سبيل الله» .
وفي طبع الفرس الزهو والخيلاء والسرور، بنفسه والمحبة لصاحبه، ومن أخلاقه الدالة على شرف نفسه وكرمه أنه لا يأكل بقية علف غيره، ومن علو همته أن أشقر مروان كان سائسه، لا يدخل عليه إلا بإذن وهو أن يحرك له المخلاة، فإن حمحم دخل، وإن دخل ولم يحمحم شد عليه، والأنثى من الخيل ذات شبق شديد، ولذلك تطيع الفحل من غير نوعها وجنسها. قال الجاحظ:
والحيض يعرض للإناث منهن لكنه قليل، والذكر ينزو إلى تمام أربعين سنة، وربما عمر إلى تسعين. والفرس يرى المنامات كبني آدم، وفي طبعه أنه لا يشرب الماء إلا كدرا، فإذا رآه صافيا كدره. ويوصف بحدة البصر، وإذا وطىء على أثر الذئب خدرت قوائمه حتى لا يكاد يتحرك، ويخرج الدخان من جلده. قال الجوهري: ويقال إن الفرس لا طحال له، وهو مثل لسرعته وحركته. كما يقال: البعير لا مرارة له أي لا جسارة له.
وأفاد الإمام أبو الفرج بن الجوزي أن من واظب على البداءة في لبس النعل باليمين، والخلع باليسار أمن من وجع الطحال. وأفاد غيره أن سورة الممتحنة، إذا كتبت وغسلت أو سقي المطحول ماءها فإنه يبرأ بإذن الله تعالى. ومما جرب أيضا فوجد نافعا أن تكتب هذه الحروف على