للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عبيطا أحمر، فشكوا إلى فرعون، فقالوا: ليس لنا شراب، فقال: إنه قد سحركم.

وكان فرعون يجمع بين القبطي والإسرائيلي على الإناء الواحد، فيكون ما يلي الإسرائيلي ماء، وما يلي القبطي دما، حتى كانت المرأة من آل فرعون تأتي المرأة من بني إسرائيل، حين جهدهم العطش، فتقول: اسقيني من مائك، فتصب لها من قربتها فيعود في الإناء دما، حتى كانت تقول: اجعليه في فيك ثم مجيه في فمي، فتأخذ في فيها ماء، فإذا مجته في فيها صار دما، وإن فرعون اعتراه العطش حتى إنه اضطر إلى مضغ الأشجار الرطبة، فإذا مضغها، يصير ماؤها في فيه ملحا أجاجا، فمكثوا كذلك أسبوعا من السبت إلى السبت لا يشربون إلا الدم. وقال زيد بن أسلم: الدم الذي سلط عليهم كان الرعاف فأتوا موسى عليه السلام، وقالوا: ادع لنا ربك يكشف عنا هذا الدم فنؤمن لك، ونرسل معك بني إسرائيل، فدعا لهم فرفع عنهم الدم، فلم يؤمنوا. فذلك قوله «١» قوله عز وجل: فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ

وهو ما ذكره الله من الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم. وقال ابن جبير: الرجز الطاعون، وهو العذاب السادس بعد الآيات الخمس حتى مات منهم سبعون ألفا في يوم واحد.

روينا عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، أنه سمع أباه يسأل أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما: أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الطاعون شيئا؟ فقال أسامة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «٢» : «الطاعون رجز أرسل على بني إسرائيل أو على من قبلكم، فإذا سمعتم به بأرض قوم فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه» .

فسألوا موسى عليه السلام فدعا ربه فكشفه عنهم، فتمادوا في كفرهم وطغيانهم إلى أن أغرق الله تعالى فرعون وملأه في اليم وقد تقدم ذكر غرقه، في باب الحاء المهملة، في لفظ الحصان.

قال سعيد بن جبير ومحمد بن المنكدر: كان ملك فرعون أربعمائة سنة، وعاش ستمائة وعشرين سنة، لا يرى مكروها، ولو حصل له في تلك المدة جوع يوم، أو حمى ليلة، أو وجع ساعة، لما ادعى الربوبية قط.

وقد ظفرت بهذه القصة مختصرة، فأوردتها عقب هذا، لتحصل الفائدة، وهو أن موسى عليه السلام مشى بعصاه إلى كثيب أعفر مهيل، فضربه فانتشر كله قملا في مصر، ثم إنهم قالوا:

ادع لنا ربك في كشف هذا عنا فدعا فكشف عنهم، فرجعوا إلى طغيانهم، فبعث الله عليهم الضفادع، فكانت تدخل في فرشهم وبين ثيابهم، وإذا هم الرجل أن يتكلم دخلت الضفادع في فيه وتلقي نفسها في القدر، وهي تغلي. فقالوا: ادع لنا ربك يكشفها فكشف عنهم، فرجعوا إلى كفرهم، فبعث الله تعالى عليهم الدم، فرجع ماؤهم الذي كانوا يشربونه دما، فكان الرجل منهم إذا استقى من البئر وارتفع إليه الدلو عاد دما. وقيل: سلط الله تعالى عليهم الرعاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>