للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، أنه غزا مع معاوية غزوة المضيق نحو الروم، فمروا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف، الذين ذكرهم الله في القرآن فقال معاوية: لو كشفت لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم؟ فقال له ابن عباس رضي الله تعالى عنهما:

ليس لك ذلك، قد منع الله ذلك من هو خير منك. قال الله تعالى: لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً

«١» فقال معاوية: لا أنتهي حتى أعلم علمهم، فبعث ناسا، فقال: اذهبوا فادخلوا الكهف، فانظروا ففعلوا. فلما دخلوا الكهف، بعث الله عليهم ريحا فأخرجتهم.

قوله «٢» عز وجل وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ

يعني كما أنمناهم في الكهف، ومنعنا من الوصول إليهم، وحفظنا أجسامهم من البلى على طول الزمان، وثيابهم من العفن على ممر الأيام بقدرتنا، فكذلك بعثناهم من النومة التي تشبه الموت، لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ

«٣» أي ليتحدثوا ويسأل بعضهم بعضا، قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ

«٤» ، يعني رئيسهم مكسلمينا: كَمْ لَبِثْتُمْ

«٥» في نومكم؟ وذلك أنهم استنكروا من أنفسهم طول نومهم. ويقال: إنهم راعهم ما فاتهم من الصلاة! فقال ذلك. قالُوا: لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ

«٦» ، لأنهم دخلوا الكهف غدوة، فلما رأوا الشمس، قالوا: أو بعض يوم، توقيا من الكذب.

وكان قد بقيت من الشمس بقية.

ويقال كان بعد زوال الشمس، فلما نظروا إلى أظفارهم وأبشارهم، تيقنوا أن لبثهم كان أكثر من يوم، ف قالُوا: رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ

«٧» ويقال: إن رئيسهم لما سمع الاختلاف بينهم، قال ذلك: فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ

«٨» ، يعني تمليخا، بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ

«٩» ، والورق الفضة مضروبة كانت أو غير مضروبة، والدليل عليه أن عرفجة بن سعد أصيب أنفه يوم الكلاب، فاتخذ أنفا من ورق وفيه لغات: بورقكم ساكنة الراء. وهي قراءة أبي عمرو وحمزة وخلف وأبي بكر. وبورقكم بكسر الراء وادغام القاف، وهي قراءة بعض، وبورقكم بفتح الواو وكسرا الراء، وهي قراءة أكثر القراء.

ورق وورق مثل كبد وكبد وكلم وكلم، والمدينة أفسوس، وقيل: طرسوس، ويقال:

أرسوس كان اسمها في الجاهلية أفسوس، فلما جاء الإسلام سموها طرسوس. فلينظر أيها أزكى طعاما.

قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وسعيد بن جبير رضي الله تعالى عنه: أحل ذبيحة لأن عامتهم كانوا مجوسا، ومنهم قوم مؤمنون يخفون إيمانهم. وقال الضحاك: أطيب. وقال مقاتل وابن حيان: أجود، وقال ابن شهاب: أرخص. وقال قتادة: أخير. وقال عكرمة: أفضل، وأكثر. وأصل الزكاة: الزيادة والنماء. قال الشاعر:

قبائلنا سبع وأنتم ثلاثة ... كذا السبع أزكى من ثلاث وأطيب

فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ

«١٠» أي قوت وطعام، وَلْيَتَلَطَّفْ

«١١» أي وليرفق في الشراء، وفي طريقه وفي دخوله المدينة، وَلا يُشْعِرَنَ

«١٢» ولا يعلمن بِكُمْ أَحَداً

«١٣» من الناس إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>