آياتِنا عَجَباً
«١» والرقيم هو الكتاب الذي كان القوم الذين منهم، كان الفتية كتبوه في لوح بذكر خبرهم وقصصهم، ثم جعلوه على باب الكهف الذي أووا إليه، أو نقروه في الجبل الذي أووا إليه، أو كتبوه في لوح وجعلوه في صندوق خلفوه عندهم، إذا أوى الفتية إلى الكهف.
وكان عدد الفتية فيما ذكر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما سبعة وثامنهم كلبهم. قال قتادة: ذكر لنا أن ابن عباس كان يقول: أنا من ذلك القليل الذي استثنى الله عز وجل كانوا سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ
«٢» وكان اسم أحدهم تمليخا وهو الذي كان يلي شراء الطعام لهم الذي ذكر الله عز وجل عنهم أنهم قالوا. إذ هبّوا من رقدتهم: فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ
«٣» قال مجاهد في قوله «٤» تعالى فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ
اسمه تمليخ.
وأما ابن اسحاق، فإنه قال: اسمه يمليخا. وكان ابن اسحاق يقول: عدد الفتية ثمانية فعلى قوله كان تاسعهم كلبهم. وإنه كان يسميهم فيقول: كان أحدهم، وهو أكبرهم، والذي كلم الملك عن سائرهم مكسلمينا، والآخر مجسلمينا، والثالث يمليخا، والرابع مرطوس، والخامس كفشطيوس، والسادس ينيونس، والسابع ميموس، والثامن بطنيوس، والتاسع طالوس، وكانوا أحداثا.
وعن مجاهد قال: لقد حدثت أنه كان على بعضهم من حداثة أسنانهم وضح الورق، وكانوا من قوم يعبدون الأوثان من الروم فهداهم الله للإسلام، وكانت شريعتهم شريعة عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، في قول جماعة من سلف علمائنا.
وعن عمرو يعني بن قيس الملائي، في قوله «٥» تعالى: أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً
قال: كانت الفتية على دين عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وكان ملكهم كافرا، وكان بعضهم يزعم أن أمرهم ومصيرهم إلى الكهف، كان قبل المسيح، وأن المسيح أخبر قومه خبرهم وأن الله عز وجل بعثهم من رقدتهم، بعدما رفع المسيح عليه السلام في الفترة التي بينه وبين محمد صلى الله عليه وسلم، والله أعلم، أي ذلك كان.
فأما الذي عليه علماء الإسلام، فعلى أن أمرهم كان بعد المسيح. وأما أنه كان في أيام ملوك الطوائف، فإن ذلك لا يرفعه رافع من أهل العلم بأخبار الناس القديمة، وكان لهم في ذلك الزمن ملك يقال له دقيانوس، يعبد الأصنام فيما ذكر، فبلغه عن الفتية خلافهم إياه في دينه، فطلبهم فهربوا منه بدينهم، حتى صاروا إلى جبل لهم، يقال له منحلوس.
وكان سبب إيمانهم وخلافهم لقومهم ما ذكر عن وهب بن منبه، أنه قال: جاء حواري عيسى ابن مريم إلى مدينة أصحاب الكهف، فأراد أن يدخلها، فقيل له: إن على بابها صنما لا يدخل أحد إلا سجد له، فكره أن يدخلها. فأتى حماما كان قريبا من تلك المدينة، فكان يعمل،