للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطب، ولكنه فضّل أن يهاجر إلى القاهرة ليواصل تعليمه. ولم يكن هناك في تلك الأثناء أية فرصة للسودانيين ليلتحقوا بالمدارس المدنيةالمصرية، فوجد صعوبات جمّة، حتى تبنى مشكلته الأمير عمر طوسون، فألحقه بالخديوية الثانوية، وقبل بعد ذلك في الجامعة المصرية ليدرس القانون. وتمّ سفره إلى بريطانيا، والتحق بجامعة ليدز، وتخرج منها عام ١٩٣٤ وهو يحمل شهادة الماجستير في القوانين.

وعاد إلى السودان، ولم يكن حتى تلك الفترة أي محام سوداني، وأصبح محاميا وذاع صيته.

ولم يشارك في بادئ الأمر في حركة الخريجين، لأنه آمن بالوحدة مع مصر، ولما نشأت الأحزاب أسس الدرديري حزب وحدة النيل الذي ذاب في الحزب الوطني الاتحادي في عام ١٩٥٣. واختار الإقامة بالقاهرة، فعين وكيلا لوزارة شؤون السودان، كما أنه عمل أمينا مساعدا بالجامعة العربية، وعند اندلاع ثورة مايو اختير سفيرا للسودان في القاهرة، ولكنه استقال بعد فترة وجيزة، واستقر بالقاهرة حتى توفي بها.

ولم يكن يقبل المشاركة في الحكم، لأنه يرى أن مصر والسودان بلد واحد، فلمّا عيّن سفيرا للسودان في القاهرة كان يقول: أنا سفير مصر بمصر!

ولم يعرف الخطابة والعمل بين الجماهير.

وفي غضون الفترة التي أسند إليه وكالة وزارة شؤون السودان شجع الطلبة السودانيين وساعدهم على الالتحاق بالجامعات المصرية، وجعل الحكومة المصرية تدفع لهم الإعانات المتواصلة، وتوفر لهم السكن واحتياجات المعيشة (١).

الدرديري محمد عثمان (١٣١٤ - ١٣٩٧ هـ- ١٨٩٦ - ١٩٧٧)

قاض، تربوي، ابن الأمير محمد عثمان خالد من قواد المهدية بالسودان.

درس في كلية غردون، وتخرج مدرسا في عام ١٩١٤، وعشق في مطلع حياته حلقات النقاش والثقافة والتمثيل.

اشترك في مشاريع الإصلاح والترقي الاجتماعي، كما أنه أبرز نشاطا ملحوظا في نادي الخريجين في أم درمان.

ونقل في أخريات الثلاثينات إلى بورتسودان فوحد بين المواطنين، ومحا الجفوة القديمة، كما أشرف على جمعية القراء والبحث في نادي الخريجين ونادي السودانيين الذي أصبح يسمى بعد ذلك باسم نادي سواكن، وبدأ في إحياء الخلاوي في بورتسودان وجمع لها المال، ثم أقبل على إنشاء المدارس الأولية، وبعد ذلك توفر له أن يدعو لإنشاء مدرسة بورتسودان الوسطى الأهلية.

نقل إلى العاصمة، ولكن صلته بالمدرسة لم تنقطع حتى نمت، وأضاف إليها فصولا ثانوية للتعليم التجاري، وبدأت الاتجاهات السياسية واضحة في التكوين الجديد للمجتمع السوداني ولكن الدرديري لم يقف معلنا انضمامه إلى حزب من الأحزاب، بل إن صلته بالطائفة الختمية جعلته أقرب لأصحاب الميول الاتحادية.

ثم التحق بسلك القضاء قاضي جنايات، حتى ترقى إلى قاضي محكمة عليا منذ عام ١٩٤٤ - ١٩٥٥ م. ولم تكن له مؤهلات في القانون غير اجتيازه امتحان القانون الذي كانت تفقده حكومة السودان.

وكان أول قاض سوداني يطبق القانون على البريطانيين. فقد حدث في عام ١٩٣٩ م أن ارتكب بحار إنجليزي جريمة سرقة، فحكم عليه الدرديري بالجلد، وعرضت الشركة التي يعمل في باخرتها ذاك البحار أن تدفع أية غرامة، فأصر الدرديري أن يطبق القانون بلا تمييز، وفي قضية سرقة البضائع من ميناء بورتسودان قبض رجال الأمن على تجار كبار كانت لهم صلات اجتماعية بالدرديري، فتنحى الدرديري عن المحكمة وطالب أن ينظر في القضايا قاض غيره.

وهو خال الأديب السوداني معاوية محمد نور، وقد تعهّده برعايته وعطفه، وأشرف على تربيته.

وكان مطلعا على علوم الدين والشريعة.

وقد عمل على تطوير مناهج الطعام السوداني، وكوّن جمعية خاصة بذلك، كما أنه دعا لاستعمال الدمور كبدل، وكان يرتدي بدلة من الدمور في أغلب الأحيان.

كتب مذكراته باللغة العربية. وكان عضوا في لجنة الحاكم العام، كما كان عضوا في أول مجلس سيادة في السودان. ومنذ عام ١٩٥٦ اعتزل الحياة الاجتماعية، فكان يقضي شهر رمضان في الأراضي المقدسة، كما كان يذهب معتكفا في جبل أم علي (٢).

دعد حداد (٠٠٠ - ١٤١١ هـ- ٠٠٠ - ١٩٩١ م)

شاعرة، كاتبة مسرحية.

ولدت في اللاذقية، ونشأت في أسرة تهتم بالأدب والفن، ودخلت الجامعة، ثم انتقلت من اللاذقية إلى دمشق حيث عملت في الصحافة، وبدأت بكتابة الشعر مبكرا، حيث بدأت بالكلاسيكي ثم الحر ..

توفيت بعد عمر قضته في مناخ من الألم والمعاناة في ١٣ آذار (مارس).

وقد كتبت الكثير ولم تنشر إلا القليل، مثل: (بائع الزهور المجففة)


(١) رواد الفكر السوداني ص ٧٦ - ٧٨.
(٢) رواد الفكر السوداني ص ٧٩ - ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>