للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثير من الشعراء ... وله أيضا شعر كثير من الفصيح، منها قوله مخاطبا قومه (١):

بئست حياتكم يا قوم فانتبهوا ... من الرقاد، فإن القوم قد وثبوا

واستعبدوكم فصرتم كالرقيق لهم ... يقضون فيكم بما شاؤوا وما طلبوا

فأين إحساسكم بل أين غيرتكم ... وأين رابطة الإسلام يا عرب

الموت والله خير من حياتكمو ... فما لكم هكذا يقضي به العجب

بالأمس كنتم ملوكا لا نظير لكم ... والغرب من بأسكم يخشى ويرتهب

واليوم عدتم إلى حال مبكية ... يرثي لها الشرق والإسلام ينتحب

مبشر محمد الطرازي (١٣١٤ - ١٣٩٧ هـ- ١٨٨٦ - ١٩٧٧ م)

العلّامة، المجاهد، الكاتب، كبير علماء تركستان وبخارى، أحد كبار العلماء في العالم الإسلامي.

الشيخ الطرازي

عاش مجاهدا بقلمه ولسانه وروحه، وبفكره وعلمه، وضحى بكل ما يملك من عز وجاه، في سبيل إعلاء كلمة الحق، والذود عن الدين الإسلامي الحنيف.

ولد في أسرة عريقة في الحسب والنسب بمدينة «طراز» في بلاد تركستان الغربية. وهو نجل سماحة الشيخ محمد ابن السيد محمد غازي الحسيني. ووالدته حفيدة الأمير برزك خان آخر أمراء الدولة الإسلامية في تركستان الشرقية (الواقعة تحت سيطرة الصين).

أتم تعليمه الابتدائي بمدينة طراز، تحت رعاية والده وعلى يد أساتذة خصوصيين، ثم انتقل إلى مدينة (طشقند) لإتمام تعليمه الثانوي والعالي، وتخرج من جامعة أبي القاسم، ثم سافر إلى بخارى، حيث أتم سنة ١٩١٧ م دراساته العليا، وتخصص في علوم التفسير والفقه والأدب العربي، كما نال إجازة التخصص في الحديث النبوي عن أستاذه الشيخ محمد العسلي الشامي رئيس بعثة التبليغ الإسلامي من طرف السلطان عبد الحميد في الشرق الأقصى، ثم عاد إلى بلدته (طراز) ليبدأ جهاده ضد الاحتلال الروسي الشيوعي مدة اثني عشر عاما، كونه أحد العلماء والزعماء البارزين في بلاد تركستان، وذلك بتشكيل اتحاد الطلبة التركستانيين سنة ١٩١٧ م تأييدا للحركة الوطنية الإسلامية العامة في تركستان، وإعلان استقلال البلاد في سنة ١٩١٧ م في مدينة (خوقند) عاصمة فرغانة، مع بذل أقصى الجهد للحفاظ على وحدة الشعب التركستاني في تلك الآونة الخطيرة لتاريخالبلاد.

وقد جاهد لمحاربة الإلحاد بالكتابة والخطب، ولا سيما بالرد على ما نشره الملحد الدهري (نعمت حكيم) في كتابه باللغة التركستانية: «هل محمد رسول من قبل الله؟ » حيث أنكر الوحي والنبوة وتدرج إلى إنكار الخالق عز وجل، فقام الطرازي بتأليف كتاب باللغة التركستانية سماه «القرآن والنبوة» ردا عليه، وأخذ يلقيه فصلا بعد فصل في خطب أيام الجمعة، حتى صدر الأمر من موسكو بالقبض عليه ومصادرة مؤلفاته التركية والفارسية والعربية، وألقي القبض عليه، ودخل السجن مدة من الزمن.

وكان يواصل الكتابة في المجلات الإسلامية التي كانت تصدر في (طشقند وسمرقند) أمثال مجلة (الإسلام) ومجلة (آيينه) والقيام بمهمة الإمامة والخطابة، ورئاسة تحرير مجلة (إيضاح المرام) لسان حال جمعية علماء تركستان، كما تولى القضاء الشرعي سنة ١٩٢٣ م، ورئاسة إدارة الشؤون الدينية بمدينة طراز سنة ١٩٣٤ م ولقب بشيخ الإسلام، إلا أنه اضطر للاستقالة منهما لتدخل الروس في شؤون الشريعة الإسلامية وإصرارهم على غلق المدارس الابتدائية التي فتحها الطرازي للتعليم الديني في مواجهة حركة الإلحاد التي وصلت ذروتها بتشجيع من الحكومة الروسية.

واحتل الروس الشيوعيون بقوة السلاح الإمارات الإسلامية الثلاثة في تركستان (إمارة خوقند وإمارة خيوة، وإمارة بخارى) من سنة ١٩١٨ م إلى ١٩٢١ وجزّؤوها إلى خمس جمهوريات (أوزبكستان وقازاقستان وقرغيزستان وتاجيكستان وتركمانستان) ثم ضموها إلى اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية في سنة ١٩٢٣، وسميت بجمهوريات آسيا الوسطى السوفيتية بدلا من تركستان، حيث تم إلغاء هذا الاسم سنة ١٩٢٤ بقانون روسي.

إلا أن الشعب التركستاني لم يسكت ولم يستسلم لهذا الاعتداء الغادر، فقامت حركات المقاومة الشعبية في أرجاء البلاد معتمدا على إيمان الشعب المسلم.

وكان على الطرازي أن يؤدي واجبه بصفته عالما دينيا وزعيما سياسيا في توجيه الشعب المجاهد بصفة عامة، وكرئيس لجمعية تحرير تركستان في بلدة طراز، إلا أن هذه المقاومة فشلت بعد أن استمرت مدة خمسة عشر عاما، ضحت فيها تركستان بأرواح


(١) رجال في تاريخ الإمارات ١/ ٣١ - ٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>