للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصله من أقباط مصر. ولد في أوائل القرن العشرين، في بلدة طهطا من صعيد مصر، ونشأ وترعرع بها، وتلقى التعليم في مدارسها، حتى التحق بالكنيسة، وتدرج في وظائفها الكنيسة، حتى أصبح قسا، وكان يحب أهل العلم والمعرفة من متعلمي بلده، وله علاقات متعددة بكل ما يمت للعلم بصلة، مشتغلا بالنجارة؛ ليستغني بكسبه عما في أيدي الناس، شغوفا بالبحث في الكتب السماوية، مكثرا من تلاوة القرآن وتدبر آياته التي تنفي أو تثبت ما جاء في الكتب السابقة، وأخذت ملكة البحث تزداد وتنمو حتى استولت منه على كل تفكيره، وكادت تقطعه عن صناعته، وهداه الله إلى اعتناق الإسلام، فكان إسلامه نتيجة قناعة تامة، أداه إليها البحث والمقارنة بعد توفيق الله وإعانته.

أزعج إسلامه الكنيسة، فحاولت إغراءه بمختلف الوسائل والطرق، إذ حاولوا أن يزوجوه من امرأة من أكبر العائلات النصرانية، أو أن يعطوه من المال ما يريد، أو أن ينصّبوه في أعلى المناصب الكنيسة ... ورفض كل هذه العروض، واعتصم بإيمانه، والتحق عام ١٩٤٩ م بمعهد طهطا الديني. حتى تخرج منه، وكان له نشاط دعوي في بلده، ولكن لكثرة العلماء فيها وطلبة العلم؛ لم يبرز نشاطه كثيرا، ولبس العمامة والجبة ليتزيّا بزيّ العلماء، وكان لباسه لباس الفقراء، هينا لينا صالحا محبا لدروس العلماء.

ثم التحق بجماعة الإخوان المسلمين فترة، وكان يحضر جلسة الثلاثاء من كل أسبوع، ولما حصلت للإخوان النكبة في أيام الثورة، نزعت نفسه إلى التصوف، فكان يميل إلى مجالسهم.

ورغب في الزواج من إحدى كبار العائلات المصرية المسلمة؛ ولكن العادات والتقاليد حالت دون تحقيق ذلك، وظل عزبا إلى أن توفي. وكان يقرض الشعر، وقد وظّفه في الدفاع عن الإسلام، ومهاجمة خصومه.

مصنفاته:

صدر منها كتاب «المنارات الساطعة في ظلمات الدنيا الحالكة» (١) وذكر في آخره عناوين بعض مؤلفاته التي وعد أنها ستظهر قريبا وهي:

- منقذ الإنسانية من نير العبودية.

- قانون الحياة ودستور الخلود.

- فوّهة المسدّس في قلب الكتاب المحرّف.

- الصراط المستقيم في الردّ على أصحاب الأقانيم.

- ردّ فرية المبشّرين في حديث الغرانيق وزواج السيدة زينب بسيد المرسلين.

- هداية الناشئين في تعلم مبادئ الدين.

- معجزات محمد صلّى الله عليه وسلم في القرن العشرين (٢).

[محمد سعدي بن أسعد ياسين]

(١٣٠٧ - ١٣٩٦ هـ- ١٨٨٧ - ١٩٧٦ م)

تصاغ ترجمته على النحو التالي:

عالم مشارك، داعية، خطيب، شاعر.

اشتهر ب «سعدي ياسين»، ولعله اسمه الصحيح دون أن يسبقه اسم «محمد»، وبه يصدّر كتبه.

ولد في حي الميدان بدمشق، وتلقى علومه فيها. من شيوخه محمد بهجة البيطار، محمود ياسين، أمين سويد.

نبغ في وقت مبكر. وكان ذا همة عالية، ساهرا في خدمة العلم والعلماء، واللاجئين والمنقطعين، شافعا لهم، مساعدا إياهم، منصفا للمظلومين من الظالمين، واعظا التجار ومحذّرهم من المعاملات الفاسدة، يتردّد عليهم في دكاكينهم ويعظهم في بيوتهم. هاجر إلى بيروت واستوطنها. وكان عالما جليلا، متعمقا في العلوم الإسلامية، سلفيا، عرف بحدّته وشجاعته، وبرز نشاطه من خلال المكتب الثقافي السعودي بلبنان، حيث كان يعمل محاضرا دينيا على طلاب البعثة العلمية السعودية منذ عام ١٣٧١ هـ، وعبر رابطة العالم الإسلامي، حيث كان من أعضاء المجلس التأسيسي لها. وكان موسوعة إسلامية غزيرة المعارف، حارب البدع، وشارك في الصحف والمجلات، قارئا وكاتبا، وحضر المؤتمرات مناقشا ومقترحا ومحاضرا، بالإضافة إلى أنه كان شاعرا جزل الأسلوب! وكانت له مكتبة كبيرة في ثماني خزائن، وعلى إحداها شعر له دافع به عن جمع الكتب، ومجيبا على تساؤلات زوجه التي لمست أن قسما كبيرا من رصيده يذهب في ثمن الكتب، فقال:

وقائلة أنفقت بالكتب ما حوت ... يمينك من مال فقلت دعيني


(١) قال: وعند ما أرسل كتابه الأول للطبع ليبين الحقّ فيما اهتدى إليه ويفضح الزيف ويعريه، أوفدت الكنيسة وفدا لصاحب المطبعة وعرضوا عليه من المال أكثر مما سيربح من وراء طبع هذا الكتاب، لكن رفض، وطبع الكتاب، وانتشر بين الناس.
(٢) مسلمو أهل الكتاب وأثرهم في الدفاع عن القضايا القرآنية/ محمد عبد الله السحيم.- الرياض: دار الفرقان، ١٤١٧ هـ، ١/ ٢٦١.
ولم يهتد مؤلف الكتاب إلى سنة وفاته، فلعلها في سنوات وفيات كتابنا هذا.
والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>