للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قام بدور مهم في الانقلاب العسكري الذي أطاح بالملك فاروق.

وارتبط اسمه بثورة ٢٣ يوليو منذ أيامها الأولى، ثم أقصاه مجلس قيادة الثورة، وقضى ١٧ سنة في الإقامة الجبرية.

ولد في الخرطوم، وتخرج في الكلية العسكرية سنة ١٩١٨ وتدرج في المناصب العسكرية، حتى وصل إلى رتبة عميد. ثم درس القانون وهو ضابط في الجيش، وأولع بالسياسة، وقام بدور مشرف في حرب فلسطين سنة ١٩٤٨ حيث أظهر كفاءة عالية، وحصل على سمعة طيبة. ويذكر عنه أنه استقال من الجيش في شباط (فبراير) سنة ١٩٥٠ احتجاجا على التدخل البريطاني لفرض حكومة الوفد على الملك، ثم نصح بسحبها.

كانت جماعة (الضباط الأحرار) - (بزعامة البكباشي) جمال عبد الناصر- تفكر في القيام بانقلاب عسكري للقضاء على الفساد في الجيش، والقصر، والحكومة، فاتصل أعضاؤه بمحمد نجيب، وأدخلوه في تنظيماتهم، وطلبوا إليه أن يتولى القيادة الرسمية (أو الاسمية) لحركتهم، وكان من المرغوب فيه أن يكون قائدها برتبة عالية، وكان محمد نجيب في الوقت نفسه الضابط الذي انتخبه الضباط رئيسا لناديهم، خاذلين بذلك مرشح فاروق.

ولما نفذ الانقلاب في ٢٣ يوليو (تموز) سنة ١٩٥٢، تولى محمد نجيب القيادة، وأذاع بصوته البيانات الأولى، وعين قائدا عاما للقوات المسلحة. وعين علي ماهر (باشا) رئيسا للوزراء، وألف مجلس وصاية على الملك الطفل فؤاد الثاني. ولكن علي ماهر لم يلبث أن استقال من رئاسة الوزارة على أثر اختلافه مع «مجلس قيادة الثورة» فعين محمد نجيب رئيسا للوزراء.

وفي حزيران (يوليو) سنة ١٩٥٣ ألغيت الملكية في مصر، وأصبح محمد نجيب أول رئيس للجمهورية واحتفظ برئاسة الوزراء أيضا. وأصبحت صورة محمد نجيب في مصر وخارجها صورة شخصية أبوية محبوبة. وقد رفض راتب رئيس الجمهورية مكتفيا براتب (لواء) في الجيش، ولم يغير سكنه المتواضع في أحد ضواحي القاهرة. ولكن مجلس قيادة الثورة أراد لمحمد نجيب أن يكون رئيسا صوريا، بينما يكون الحكم بيد أعضاء المجلس الذين هم من جيل مختلف، أصغر منه سنا، ولكنهم أقل تجربة ونضجا.

ولذلك نشبت الخلافات بينه وبينهم، وظهرت الانشقاقات بين أعضاء المجلس أنفسهم. وكانت الخلافات عديدة ومتنوعة، منها الشخصي ومنها ما يتعلق بالشؤون العامة، وأهمها موضوع رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس قيادة الثورة وتوزيع السلطات، والسماح بالحياة الحزبية، وعودة الحياة النيابية، ومحاكم الثورة وأحكامها، والساسة القدماء، وشكل الحكومة الجديدة، ودور العسكريين في الحكم، وهل يبقى مجلس قيادة الثورة قائما إلى أجل غير مسمى أم لمدة محدودة، وما هي هذه المدة؟ .

وأخذت هذه الخلافات تتزايد يوما وتختفي حينا، ثم تعود فتشتد، حتى أجبر أخيرا على الاستقالة في شباط (فبراير) سنة ١٩٥٤. وأبقي في الإقامة الإجبارية لمدة يومين، ولكن إزاء موقف قسم من الجيش، وضغط القوى الديمقراطية، وقطاع كبير من الرأي العام والوفد السوداني في القاهرة، اضطر مجلس قيادة الثورة إلى إعادته إلى رئاسة الجمهورية. ومع ذلك فإن مشكلاته مع مجلس قيادة الثورة وجمال عبد الناصر لم تنته بذلك، واستمرت الخلافات المتعلقة بمستقبل مصر السياسي، وكان محمد نجيب يدافع عن الديمقراطية، بينما كان عبد الناصر متمسكا باستمرار الحكم العسكري.

وبقي رئيسا شكليا للجمهورية لمدة ٧ أشهر أخرى، لم يقم خلالها بدور يذكر في الشؤون العامة، ولم يستشر في مفاوضات قناة السويس، حتى أخذ مجلس قيادة الثورة يجتمع بدون علمه. وفي ١٤ نوفمبر (تشرين الثاني) سنة ١٩٥٤ نقل من قصر الرئاسة ووضع تحت الإقامة الإجبارية في دار بناحية المرج شمالي القاهرة. وبقي في هذا الوضع لمدة ١٧ عاما، حتى وفاة جمال عبد الناصر ومجيء أنور السادات إلى الحكم، ثم أطلق سراحه في سنة ١٩٨١ ولكنه لم يعد إلى الحياة العامة بعد أن تقدمت به السن واصطلحت عليه العلل.

نشر بعد إطلاق سراحه مذكراته في كتابين أولهما (كلمتي للتاريخ) والثاني (كنت رئيسا لمصر)، وفيما عدا ذلك بقي بعيدا عن الأضواء حتى وفاته في ٢٨ آب (أغسطس) (١).

محمد نجيب علي (١٣٠٧ - ١٤٠٢ هـ- ١٨٨٩ - ١٩٨٢ م)

من رواد الصحافة.

ولد بقرية الفكرية مركز أبي قرقاص بمحافظة المنيا .. وبدأ محررا قضائيا لجريدتي اللواء والسياسة، ثم محررا دبلوماسيا .. وأكثر ما ارتبط بجريدة الأهرام، حيث عمل بها أربعين عاما، ثم انتقل إلى دار التحرير للطبع والنشر، وتولى رئاسة تحرير جريدة المساء حتى نهاية الستينات، ثم أصبح كاتبا بجريدة الجمهورية حتى وافته المنية.

ويعد من ظرفاء الصحافة الذين جمعوا بين الوداعة والسخرية .. واختير وكيلا لنقابة الصحفيين .. وحصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى في عيد الصحفيين الأول الذي أقيم في مارس عام ١٩٨١ م (٢).


(١) الشرق الأوسط ع ٥٠٢٢ - ٢٨/ ٨/ ١٩٩٢ م بقلم نجدة فتحي صفوت. والصورة من مجلة «المصور»، موسوعة حكام مصر ١٢٨، معجم أعلام المورد ٤٥٣.
(٢) مائة شخصية مصرية وشخصية ص ٢٦٩ - ٢٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>