للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اسمه الكامل: مولود قاسم نايت بلقاسم. ولد في قرية بلعيال، إحدى قرى جبال بني عباس في الجزائر.

حفظ القرآن الكريم، وأتقن مبادئ اللغة العربية، ودرس العلوم الدينية.

تخرّج من جامع الزيتونة عام ١٣٧٠ هـ، درس الفلسفة في كلية الآداب بالقاهرة.

عند ما اندلعت ثورة أول نوفمبر ١٩٥٤ م كان قد أنهى دراسته والتحق بمكتب جبهة التحرير الوطني. عمل في عدة بلدان أوربية، وبعد استعادة الاستقلال عاد إلى الوطن، وعمل في وزارة الخارجية، والرئاسة، والحكومة.

كان ذا ثقافة عالية، في العلوم والحضارة الإسلامية، وفي التاريخ الجزائري خاصة، وسمى ابنته باسم الجزائر حبا بها. انتخب عضوا مراسلا فيالمجمع اللغوي بالقاهرة، وعضوا عاملا في المجمع اللغوي بدمشق، والأردن.

تسلم وزارة الشئون الدينية عام ١٣٩١ هـ، فاهتم بالمساجد، ورفع مستوى الأئمة والخطباء والوعاظ، وعقد الندوات والملتقيات، واستدعى علماء الإسلام المبرزين من العالم الإسلامي ليحاضروا، وكوّن لجنة على مستوى الوزارة لإعداد خطب الجمعة (يقال إن السبب هو تدني مستوى الخطباء). وأنشأ معاهد التعليم الأصلي والشئون الدينية لتخريج الكفاءات الجديدة على أسس عصرية، ويعني بالتعليم الأصلي التعليم العربي الإسلامي الأصيل. وتم إنشاء هذه المعاهد في معظم ولايات الوطن، وامتازت بأشكالها الهندسية المعمارية الجميلة، وخرّجت أجيالا من الطلبة.

أنشأ مجلة الأصالة عام ١٣٧١ هـ، وكانت تصدر كل شهرين، وتبنت الوزارة نشر كل محاضرات وتعقيبات ملتقيات الفكر الإسلامي، واهتم في مجلة الأصالة بإبراز التاريخ الإسلامي المشرق للجزائر؛ نظرا لما تعرض هذا البلد إلى تشويه في تاريخه وتزوير حقائقه من قبل الأعداء، كما أحيا ذكريات كبار الزعماء والمقاومين الجزائريين.

كان حريصا على أن تستعيد اللغة العربية مركزها ومكانتها في الجزائر، فواكب فيها حركة التعريب، وعانى أكثر من غيره حركة المعارضين لها، وكان ضمن المجموعة التي أعدت وجهزت لتطبيق التعريب عام ١٩٧١ م، وبعد خروجه من الوزارة أسندت إليه رئاسة المجلس الأعلى للغة العربية، فتنقل في أنحاء البلاد لذلك، يخطب، ويعقد الندوات والمهرجانات والمحاضرات .. وكلّف بالإعداد لإنشاء مجمع اللغة العربية بالجزائر، لكن المنية عاجلته قبل أن يحقق هذا الأمل.

ومرض، وزاد من مرضه مؤامرة إلغاء المعاهد الدينية التي أنشأها، حيث تآمر عليها الماكرون عام ١٣٩٦ هـ وتذرعوا بفكرة توحيد التعليم. وتألم أيضا عند ما أعدم وزير الشئون الدينية الجديد مجلة الأصالة التي بقيت حتى عام ١٤٠١ هـ، كما ألغى ملتقيات الفكر الإسلامي. وتألم أكثر عند ما أصدر المجلس الاستشاري عام ١٤١٢ هـ قرارا بتوقيف العمل باللغة العربية.

وهذه حادثة تسجل للتاريخ، ذات مغزى، يجب أن يتنبه إليها أبناء الإسلام!

فبعد اتخاذ قرار تحديد الأجل للعمل باللغة العربية وتعريب المواد العلمية في الجامعات الجزائرية، سافر المترجم له على رأس وفد إلى المشرق العربي، وانتقى من هناك- خاصة العراق وسورية- نخبة من الكتب العلمية ليعتمد عليها طلاب الشعب العلمية وأساتذتهم كخطوة أولى لإعداد الكتب الأخرى أو ترجمتها. وتم شحن هذه الكتب بحرا إلى الجزائر، فحجزت في الميناء عدة شهور من طرف إدارة الجمارك بإيحاء أعداء التعريب، وخلال تلك المدة رمي بجزء كبير منها في البحر، نعم رمي بها في البحر، وما بقي منها تم إخراجها بصعوبة، وأحضر إلى مقر المجلس الأعلى للغة العربية في قصر الحكومة وأودع هناك. ثم لما صدر قرار ترحيل هذا المجلس إلى مقر حزب جبهة التحرير الوطني في قصر زيروت يوسف شحنت تلك الكمية إلى هناك، ووضعت في حجرة خاصة أغلقها المترجم له بنفسه حتى يضمن سلامتها وعدم ضياعها. ولكن المجرمين أعداء التعريب كسروا باب الحجرة وأخذوا تلك الكتب إلى وجهة مجهولة، وبالتأكيد أعدموها وأتلفوها، وتضاعف ألمه عند ما سمع بالخبر، وقال لمن أخبره بالقصة: لقد انتهى عهدي ودوري. وتوفي متحسرا كئيبا.

قلت: ومع كل ما سبق يؤخذ في الاعتبار أن المترجم له كان عضوا في الحكومة، ويعمل تحت مظلتها ..

فكيف بمن يعمل، بل يحاول أن يعمل بعض ما قام به وهو مواطن عادي؟

وماذا كانت ردة فعل الشعب تجاه حكومة تجدد عهد الاستعمار وتعادي شعبها ودينه ولغته؟

وللمترجم له كتب، هي:

- شخصية الجزائر الدولية ومكانتها العالمية.

- إنية (تاريخ).

- أصالة (تاريخ) (١).


(١) أعلام الفكر والثقافة في الجزائر ١/ ٢٦٧ (وولادته في أواخر عقد العشرينات من القرن العشرين الميلادي، ووفاته في نهاية شهر أوت من السنة المذكورة).

<<  <  ج: ص:  >  >>