للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لعن الله أعظما حملوها ... نحو دار البلى على خشبات

أعظما تبغض النبي وأهل ... البيت والطيبين والطيبات

قال: ثم حدثني «١» أبو العالية الشاعر وأنشدني لنفسه أيضا:

لا درّ درّ نبات الأرض إذ فجعت ... بالأصمعي لقد أبقت لنا أسفا

عش ما بدا لك في الدنيا فلست ترى ... في الناس منه ولا من علمه خلفا

وكانت وفاة الأصمعي في سنة ست عشرة مائتين بالبصرة.

والنعام، عند المتكلمين على طبائع الحيوان، ليست بطائر وإن كانت تبيض، ولها جناح وريش، ويجعلون الخفاش طيرا، وإن كان يحبل ويلد، وله أذنان بارزتان، وليس له ريش لوجود الطيران فيه، ومراعاة لقوله تعالى: وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي

«٢» وهم يسمون الدجاجة طيرا، وإن كانت لا تطير. وظن بعض الناس، أن النعامة متولدة من جمل وطائر، وهذا لا يصح. ومن أعاجيبها أنها تضع بيضها طولا، بحيث لو مد عليها خيط، لاشتمل على قدر بيضها، ولم تجد لشيء منه خروجا عن الآخر، ثم إنها تعطي كل بيضة منه نصيبها من الحضن، إذ كان كل بدنها لا يشتمل على عدد بيضها. وهي تخرج لعدم الطعم، فإن وجدت بيض نعامة أخرى، تحضنه وتنسى بيضها، ولعلها أن تصاد فلا ترجع إليه، ولهذا توصف بالحمق، ويضرب بها المثل في ذلك قال «٣» ابن هرمة:

فإني وتركي ندى الأكرمين ... وقد حي بكفي زنادا شحاحا

كتاركة بيضها بالعراء ... وملبسة بيض أخرى جناحا

ويقال إنها تقسم بيضها أثلاثا: فمنه ما تحضنه، ومنه ما تجعل صفاره غذاء، ومنه ما تفتحه وتجعله في الهواء حتى يتعفن، ويتولد منه دود، فتغذي بها فراخها إذا خرجت.

قال في الكفاية: يقال عار الظليم إذا صاح، والزمار صياح الأنثى. وقال ابن قتيبة: يقال عريعر للذكر، والأنثى زمر زمارا انتهى. وقد سمى الحريري، في المقامات، النعامة باسم صوتها. فقال: ما تقول فيمن أتلف زمارة في الحرم؟ قال: عليه بدنة من النعم.

روي عن كعب الأحبار قال: لما أهبط الله تعالى آدم عليه الصلاة والسلام، جاءه ميكائيل بشيء من حب الحنطة، وقال: هذا رزقك، ورزق أولادك من بعدك، قم فاحرث الأرض، وابذر الحب. قال: ولم يزل الحب من عهد آدم عليه السلام، إلى زمن إدريس عليه السلام، كبيضة النعامة، فلما كفر الناس نقص إلى بيضة الدجاجة، ثم إلى بيضة الحمامة، ثم إلى قدر البندقة.

وكان في زمن العزيز على قدر الحمصة.

والنعام من الحيوان الذي يزاوج ويعاقب الذكر والأنثى في الحضن، وكل ذي رجلين، إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>