للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعرفوه بأربعين سنة فتعجبوا من ذلك وزادهم الله بذلك هدى.

وقال محمد الباقر: كان أصحاب الكهف صياقلة، واسم الكهف حيوم، والقصة طويلة مشهورة في كتاب التفاسير والقصص مطولا ومختصرا، وقد وقفت على جمل من ذلك. فمن ذلك ما ساقه الإمام أبو اسحاق محمد بن أحمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي، في كتابه الكشف والبيان في تفسير القرآن، وربما يتكرر شيء مما تقدم، فيما آتي به. قال: قوله «١» تعالى: أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً

يعني ليسوا من أعجب آياتنا، فإنّ فيم خلقت من السموات والأرض وما فيهن من العجائب أعجب منهم. والكهف هو الغار في الجبل.

واختلفوا في الرقيم، فقال وهب: حدثني «٢» النعمان بن بشير الأنصاري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الرقيم، قال: إن ثلاثة نفر خرجوا مرتادين لأهليهم، فبينما هم يمشون إذ أصابتهم السماء، فأووا إلى كهف، فانحطت صخرة من الجبل، فانطبقت على باب الكهف، فأوصد عليهم، فقال قائل منهم: اذكروا أيكم عمل عملا حسنا، لعل الله برحمته أن يرحمنا، فقال رجل منهم: إني قد عملت حسنة مرة، كان لي أجراء يعملون عملا لي، استأجرت كل رجل منهم في نهاره بأجرة معلومة، فجاءني رجل منهم ذات يوم وسط النهار، فاستأجرته بشطر أجرة أصحابه، فعمل في بقية نهاره كما عمل رجل منهم في نهاره كله، فرأيت علي من الذمام، أن لا أنقصه عما استأجرت من أصحابه، لما رأيت من جهده في عمله.

فقال رجل منهم: أتعطي هذا مثل ما أعطيتني ولم يعمل إلا وسط النهار؟ فقلت: يا عبد الله لم أبخسك شيئا من شرطك، وإنما هو مالي أحكم فيه بما شئت. فغضب وترك أجره فوضعت حقه في جانب من البيت ما شاء الله، ثم مرت بي بعد ذلك بقر فاشتريت له بها فصيلة من البقر، فبلغت ما شاء الله، فمر بي بعد حين رجل شيخ كبير لا أعرفه، فقال لي: إن لي عندك حقا فذكرنيه حتى عرفته، قلت له: إياك أبغي، وهذا حقك وعرضتها عليه جميعا، فقال: يا عبد الله لا تسخر بي إن لم تصدق علي فأعطني حقي! قلت: والله ما أسخر بك إنها لحقك، مالي فيها شيء فدفعتها إليه جميعا. اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك لوجهك فافرج عنا الحجر، فانصدع الحجر ففرج حتى رأوا وأبصروا.

وقال الآخر: قد عملت حسنة مرة، كان لي فضل، وأصابت الناس شدة، فجاءتني امرأة تطلب مني معروفا، فقلت لها: والله ما هو دون نفسك، فأبت علي وذهبت، ثم رجعت فذكرتني بالله عز وجل، والله مطلع عليها فأبيت عليها وقلت لها: والله ما هو دون نفسك، فأبت علي وذهبت، وذكرت لزوجها فقال لها: أعطيه نفسك وأغيثي عيالك! فرجعت إلي ونشدتني بالله، فأبيت عليها وقلت لها: والله ما هو دون نفسك! فلما رأت ذلك، أسلمت إلي نفسها، فلما كشفتها وهممت بها ارتعدت من تحتي، فقلت لها: ما شأنك؟ فقالت: إني أخاف الله رب العالمين! فقلت لها: خفته في الشدة ولم أخفه في الرخاء! وتركتها وأعطيتها ما يحق علي بما كشفتها. اللهم إن كنت

<<  <  ج: ص:  >  >>