للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شر الجن والإنس. فبينما الملك قائم، رجعوا إلى مضاجعهم فناموا، وتوفى الله أرواحهم.

وقام الملك فجعل ثيابه عليهم، وأمر أن يجعل لكل واحد تابوت من ذهب. فلما أمسوا ونام، أتوه في المنام، وقالوا: إنا لم نخلق من ذهب ولا فضة، ولكنا خلقنا من التراب وإلى التراب نصير. فاتركنا كما كنا في الكهف على التراب، حتى يبعثنا الله، فأمر الملك حينئذ بتابوت من ساج، فجعلوا فيه. وحجبهم الله حين خرجوا من عندهم بالرعب، فلم يقدر أحد أن يطلع عليهم، وأمر الملك فجعل على باب الكهف مسجدا يصلى فيه. وجعل لهم عيدا عظيما، وأمر أن يؤتى كل سنة.

وقيل: إنهم لما أتوا باب الكهف، قال لهم تمليخا: دعوني حتى أدخل على أصحابي فأبشرهم، فإنهم إن رأوكم معي أرعبتموهم، فدخل فبشرهم، وقبض الله روحه وأرواحهم، وعمي عليهم فلم يهتدوا إليهم. فهذا حديث أصحاب الكهف.

ويقال إن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ربه أن يريه إياهم، فقال تعالى: إنك لن تراهم في دار الدنيا، ولكن ابعث إليهم أربعة من خيار أصحابك ليبلغوهم رسالتك ويدعوهم إلى الإيمان بك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل: كيف أبعث إليهم؟ فقال «١» : ابسط كساءك، واجلس على طرف من أطرافه أبا بكر، وعلى الثاني عمر، وعلى الثالث عليا، وعلى الرابع أبا ذر، ثم ادع الرخاء المسخرة لسليمان بن داود عليهما السلام، فإن الله تعالى أمرها أن تطعيك. ففعل النبي صلى الله عليه وسلم ما أمر به، فحملتهم الريح حتى انطلقت بهم إلى باب الكهف، فلما دنوا من الباب قلعوا منه حجرا، فقام الكلب فنبح عليهم حين أبصر الضوء، وهر وحمل عليهم، فلما رآهم حرك رأسه وبصبص بذنبه، وأومأ برأسه أن ادخلوا الكهف، فدخلوا فقالوا: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد الله عليهم أرواحهم، فقاموا بأجمعهم، وقالوا: وعليكم السلام وعلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم مادامت السموات والأرض، وعليكم بما بلغتم ثم جلسوا بأجمعهم يتحدثون، فآمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وقبلوا دين الإسلام. وقالوا: اقرؤوا محمدا منا السلام، ثم أخذوا مضاجعهم وصاروا إلى رقدتهم، إلى آخر الزمان، عند خروج المهدي. ويقال إن المهدي يسلم عليهم فيحييهم الله ثم يرجعون إلى رقدتهم فلا يقومون إلى يوم القيامة.

وقد رأيت في كتاب الشفاء، للإمام أبي الربيع سليمان بن سبع، ما نصه: روي أن عيسى عليه السلام يعمر بعد الدجال ويأجوج ومأجوج أربعين سنة، ويكون حواريوه أصحاب الكهف والرقيم ويحجون معه، لأنهم لم يحجوا. انتهى ما نقله ابن سبع.

ثم نرجع إلى سياق الثعلبي، قال: ثم جلس كل واحد منهم على مكانه وحملتهم الريح، فهبط جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما كان منهم. فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم: كيف وجدتموهم وما الذي أجابوا؟ فقالوا: يا رسول الله دخلنا عليهم فسلمنا عليهم، فقاموا بأجمعهم فردوا علينا السلام، وبلغناهم رسالتك فأجابوا وأنابوا، وشهدوا أنك رسول الله حقا، وحمدوا الله على ما

<<  <  ج: ص:  >  >>