للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أكرمهم بخروجك وتوجيه رسلك إليهم. وهم يقرؤونك السلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم لا تفرق بيني وبين أصهاري وأحبابي، واغفر لمن أحبني، وأحب أهل بيتي وأحب أصحابي. فذلك قوله تعالى إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ

«١» أي صار يضم الفتية. قال الثعلبي: كان أصحاب الكهف صيارفة.

قوله عز وجل إِلَى الْكَهْفِ

هو غار بجبل منحلوس. وقيل: بناحيوس واسم الكهف حرم، وقيل خدم. قوله «٢» تعالى: فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً

أي يسر لنا ما نلتمس من رضاك، وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: رشدا أي مخرجا من الغار في سلامة، وقيل: صوابا. قوله «٣» تعالى: فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ

وهذا من فصاحات القرآن، التي أقرت العرب القصور عن الإتيان بمثله. ومعناه أنمناهم وألقينا وسلطنا عليهم النوم.

كما يقال ضرب الله فلانا بالفالج، أي ابتلاه به وأرسله عليه. وقيل: معناه حجبناهم عن السمع، وسددنا نفوذ الصوت إلى مسامعهم. وهذا وصف الأموات والنيام. وقال قطرب: هو كقول العرب ضرب الأمير على يد الرعية، إذا منعهم من العبث والفساد، وضرب السيد على يد عبده المأذون له في التجارة، إذا منعه من التصرف. وقال الأسود «٤» بن يعفر، وكان ضريرا، في ذلك:

ومن الحوادث لا أبالي أنني ... ضربت على الأرض بالأسداد

قوله «٥» عز وجل سِنِينَ عَدَداً

أي معدودة وهي نعت السنين، والعد المصدر والعدد الاسم المعدود كالنقض والنقض، والقص والقصص، والخبط والخبط.

وقال أبو عبيدة: هو نصب على المصدر. قوله «٦» تعالى: ثُمَّ بَعَثْناهُمْ

يعني من بعد موتهم، لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً

«٧» وذلك حين تنازع المسلمون الأولون أصحاب الملك، والمسلمون الآخرون الذين أسلموا حين رأوا أصحاب الكهف، في قدر مدة لبثهم في الكهف. فقال المسلمون الأولون: لبثوا في الكهف ثلاثمائة سنين وتسع سنين، وقال المسلمون الآخرون: بل لبثوا كذا وكذا. فقال الأولون: الله أعلم بما لبثوا. فذلك قوله تعالى:

ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ

«٨» أي: أي الفريقين أحصى، أي أضبط وأحفظ، لما لبثوا، أي مكثوا في كهفهم نياما أمدا، غاية. وقال مجاهد: عددا. وفي نصبه وجهان: أحدهما على التفسير والثاني مفعول لبثوا.

قوله «٩» عز وجل: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ

أي نقرأ وننزل عليك نَبَأَهُمْ بِالْحَقِ

«١٠» ، أي خبر أصحاب الكهف. إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ

«١١» أي شباب وأحداث آمَنُوا بِرَبِّهِمْ

«١٢» ، حكم الله لهم بالفتوة، حين آمنوا بلا واسطة. لذلك قال أهل اللسان: رأس الفتوة الإيمان. وقال الجنيد: الفتوة بذل الندى، وكف

<<  <  ج: ص:  >  >>