القاضي أبو الوليد ابن الفرضي: كان أبو ميمونة فقيهًا حافظًا للرأي على مذهب مالك. قال أبو عبد الله بن عتاب: كان يعرف بأبي ميمونة المحدّث. قال أبو الوليد الباجي: كان شيخًا صالحًا. وذكر أنه دفع دينارًا لمن يشتري له طعامًا، فأتاه. فقال له: اشتريت واجتهدت. فوصف له كيف كان الطعام، والزرع. فقال ردّ علي، ولا حاجة لي به. وذكر المالكي أنه كان أحفظ
أهل زمانه بمذهب مالك، وأصحابه. وذكر عن بعض أصحاب أبي بكر ابن اللباد، قال: كنت يومًا جالسًا في مجلس أبي بكر ابن اللباد، وأبو ميمونة يقرأ عليه الموطأ فتواقعا في حديث، فخالفه فيه شيخنا. وقال أبو ميمونة: كتابي هذا قرأته بالأندلس، وبفاس. فأمر أبو بكر بإخراج موطأ ابن وهب، وكتب كثيرة، حتى تقرر عندهم حقيقة الحرف الذي اختلفوا فيه. فلما نظر أبو بكر الى الكتب والرزم، قد حلت ضاق، وقال لأبي ميمونة: يا هذا فيك استقصاء. وما أظنك تريد إلا أن تكون ديكًا. فقال أبو ميمونة: أكرمك الله. لو شئت أن أكون ديكًا في غير بلدي، كنت. فقال له أبو بكر: قم عنا ولا تغشَ لي مجلسًا. قم يا هذا. واستحثه. فأخذ أبو ميمونة كتابه، ومجرته، ووقف وقال: اللهم إنك تشهد. قال المالكي: فخرجت في أثره، ومشيت معه، حتى أبعدنا وهو يسترجع. فقلت له: اجلس على هذا الدكان، حتى أرجع الى الشيخ، وأعود إليك. فرجعت وجلست بين يدي الشيخ، وقلت: أصلحك الله أنت شيخنا وإمامنا، وهذا رجل له قصد إليك، فترى إذا سألك الله لم طردته، أتقول له، لأنه قال لو شئت أن أكون ديكًا في غير بلدي. ما فعلتَ. أصلحك الله. وقلت مقبول عنك، ومسموع. فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون. وكررها. ثم قال: يا أخي، ردّ الرجل، ويدع المعاتبة. فسرت إليه فرجع معي. فسلّم على الشيخ،