سلعة، وأشركت فيها الشيخ، فربحت فيها ربحًا. فجالت نفسي وأدركتني رغبة. فقلت: قد كان الشيخ مستغنيًا عنها، وأنا ذو عيال، ثم حملت الى الشيخ حصته. فلما رآني تبسم، وقال: الناس يجولون على إخوانهم، ويتّجرون فيما ابتدأوه من الجهل. امض بها. فأخذني أمر، وقلت: لا أفعل. ثم قلت له: هذا أمر ما علمه إلا الله ﷿. فقال لي: للناس رؤى ومنامات. ودخل عليه في جملة الناس رجل لا يعرفه، من المشارقة. فلما سلم ودخل، رفع الشيخ رأسه، وقد احمر وجهه، وقام شعره. وقال: الشيطان في داري، ثلاث مرات، ففر المشرقي. وقال السبائي رضي الله تعالى عنه: قمت بين أبواب بيتي، فسمعت حسًا دخل من الباب فضربت الأرض بكفي، وعيني مغلقة. وأنا يقظان. فذهب ناحية الجبانة. وأنا أسمعه يقول: ما ندعُ أحدًا يقربك، لا نائمًا ولا يقظانًا. رحمه الله تعالى.
ذكر شمائله مع الناس وتجمّله معهم، وتواضعه، رضي الله تعالى عنه، وغلظته على أئمة الجور وأهل البدع وبني عبيد
حكى الأجدابي قال: كان الشيخ أبو إسحاق، متجملًا مع من يدخل عليه. قال أبو علي حسان: لجأت إليه مرة، فلم أزل عنده، من غدوة الى الظهر. ما قال لي شيئًا. ولا قام ولا ركع. ولا بال. وكذلك كانت عادته، فيمن يدخل عليه. قال أبو
سعيد القلال، خادمه، قال لي: لا تقض لي حاجة إلا بنيّة. قال حسان: وكان لا يتمالك، عهدي به ضحك مرة ضحكًا عظيمًا، وما استحى أن يتجمل، وبحضرته قوم غرباء. فرأيت بعض من حضر استحى، فما اعتذر هو من ذلك، وقصده رجل من سجلماسة. فلما عرف الشيخ بذلك قال: