الخطابة، قريب الدمعة، بعيد المنظر، دقيق التفقه، مستبحرًا في المسائل، حافظًا للأصول حاذقًا بالفنون، كثير الاقتداء، متثبتًا في أحكامه، وإليه كانت الخطبة والصلاة، وألّف كتاب الخصال المشهور في الفقه على مذهب مالك
عارض به كتاب الخصال لابن كاوس الحنفي، فجاء غاية في الإتقان، وله كتاب في الردّ على ابن مسرة، وكان آخر حاله قد فرّ الى العمل وجدّ في القيام وأكثر الاستغفار، حتى قيل إنه كان يختم القرآن كل ليلة. ويقال إن سبب ذلك حضوره المجلس الذي عقده ابن أبي عامر وذلك لتهمتهم في القيام على هشام الخليفة، وإقرار عبد الملك بذلك على نفسه. ويقال إن القاضي كان نزع عندما استفتي بالآية: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله، وقيل نزع بها غيره، نكث ابن منذر لإقراره حتى زجره ابن أبي عامر، وقال له تريد أن تشككه في نفسه يا قاضي هو أعلم بما أقر به على نفسه، فرخص القاضي ﵀ ونفذ قتل ابن منذر وصلبه.
[سيرته ﵁]
قال ابن حيان: سمعت المشيخة ﵃ يقولون إنه لما وليَ القضاء احتبس خواص أصحابه المشاورين وقد جاءوه مهنئين، فأمر غلامه فكشف عن مال عظيم في صندوق وقال يا أصحابنا قد عرفتم ما امتحن به من تولى القضاء قديمًا من سوء الظنة، وأخشى أن أطرق الناس على عرضي. وهذا حاصلي ورزقي هذا من الصندوق، وفي مخازني ما يفي بقيمته، وحظي من التجارة ما عرفتم، فإن فشى من مالي ما يناسب هذه الجملة فلا لوم، وإن تباعد ذلك فقد وجب مقتي فاسألوا الله تخليصي مما نشبت فيه. وكان