تفقه بالقيروان، على أحمد بن نصر، وأحمد بن زياد، وأحمد بن يوسف، وابن اللباد، والممسي. وسمع من غير واحد من شيوخ إفريقية. وقدم الأندلس حدثًا، سنة إحدى عشرة، فسمع من ابن أيمن، وقاسم بن أصبغ، وأحمد بن عبادة ومحمد بن يحيى بن لبابة، وأحمد بن زياد والحسن بن سعد، وغيرهم من القرطبيين. واستوطن بعد هذا قرطبة. وقد دخل بلدنا سبتة قبل العشرين وثلاثماية. فحبسه أهلها عندهم، وتفقه عليه قوم منهم، وذكر أبو الفرج الجياني في تاريخه، أنه حقق قبلة جامعهم، إذ ذاك، فوجد فيها تغريبًا فامتثلوا رأيه وشرّقوها. ثم دخل الأندلس، وتردد في كور الثغور، واستقر آخرًا بقرطبة. قال ابن عفيف: وكان حافظًا للفقه، متقدمًا فيه. قال أبو أيوب: كان ابن حارث نبيهًا ذكيًا. فقيهًا فطنًا. متقنًا عالمًا بالفتيا. حسن القياس في المسائل، وأولاه الحكم المواريث ببجانة. وولي الشورى بقرطبة. وتمكن من ولي عهدها الحكم، وألف له تواليف حسنة. منها كتابه في الاتفاق والاختلاف في مذهب مالك. وكتابه في التحاصُر والمغالاة. وكتاب الفتيا. وكتابه في تاريخ علماء الأندلس. وتاريخ قضاة الأندلس. وتاريخ الأفريقيين. وكتاب فقهاء المالكية. وكتاب التعريف، وكتاب المولد والوفاة، وكتاب النسب، وكتاب الاقتباس، وغير ذلك. قال ابن الفرضي: بلغني أنه ألف له ماية ديوان.
وكان عالمًا بالأخبار وأسماء الرجال. وكان حكيمًا يعمل الأدهان،