الدنيا، والبعد عن الأمراء والقناعة باليسير، والحرص على التعليم والرضى عن الله، والتذكر لبلائه. وكان ممن امتحن بالبرابرة في الفتنة، أيام ظهورهم على قرطبة. محنة أودت بحاله، وقدحت في خاطره. فعراه طيف خيال خفيف، يغشاه فلا
يؤذيه، واضطر الى مؤاجرة نفسه في الإمامة والتعليم على حد من التحري. وتسرح في أيام الأخمسة والجمعات، الى الإسماع والتفقه. وكان أقوم من بقي بحديث موطأ مالك ﵀، وله في تفسيره كتاب مشهور، مفيد مستعمل، واختصار كتاب ابن سلام في تفسير القرآن، وكتاب اختصار وثائق ابن الهندي. وكان له حظ من علم العربية، يستقل به. روى عنه ابن عتاب، وابن عبد البر، وابن الطبني، وأبو أحمد جعفر ابن عبد الله التجيبي، وعبد الرحمن القلعي، والطرابلسي. مولده سنة إحدى وأربعين وثلاثماية. وتوفي في رجب سنة ثلاث عشرة وأربعماية بقرطبة. ﵀. وجعلت رجلاه مما يلي يحيى بن يحيى.
[أحمد ويحيى ابنا حكم العاملي]
المعروف بابن اللبان من أهل قرطبة. وليَ أحمد قضاء طليطلة. وأخذ المنصور بها عيدًا، فخطب به أحمد بإشارة ابن ذكوان القاضي، تنويهًا به. فارتج عليه، ففزع الى الدعاء ثم صلى. فقال المنصور لابن ذكوان: لم يف ضمانك فيه، لم يأمر بشرائع الإسلام. فذكر له ذلك ابن ذكوان، فقال: أحببت السنّة في تقصير الخطبة، ولم أظن أنكم نسيتم شرائع الإسلام فأذكركم بها. فلما بلغ المنصور كلامه ضحك واستظرفه. وأما أخوه يحيى، فكان في عداد المشاورين بقرطبة. ولم يكن فيها أهلًا لذلك. كان قليل العلم.