هؤلاء، يعني السّلاطين، فأخذها، فتطرح كتبي. قال ابن متعب: كان يشتري سحنون كل يوم ربع رطل لحمًا، يفطر عليه. ثم تركه اقتضاء بالصالحين في مطعمهم، ما عمل سحنون قط شيئًا إلا لله. ولا تكلم بشيء إلا لله. فلذلك عظم خطره. قال بعض العلماء: كان سحنون أعقل صاحبًا، وأفضل الناس صاحبًا. وأقفه الناس صاحبًا. قال ابن الحارث: كانت هذه الصفات صفات سحنون. فتخلق بها أصحابه. قال إبراهيم ابن شعيب: كان سحنون يخرج علينا، ونحن تنتظره في مجلسه، فوا الله ما علمته يسلم في مجلسه علينا قط. وفي حلال يمشي بالأسواق، فلا يمر بأحد إلا التفت إليه وسلم عليه، توقيرًا للعلم وهيبة له، عند طالبيه.
[ذكر ولايته القضاء]
ولي سحنون قضاء إفريقية، سنة أربع وثلاثين ومائتين، وسنه إذ ذاك أربع وسبعون سنة. فلم يزل قاضيًا إلى أن مات. قال أبو العرب: لما عزل ابن أبي الجواد، قال سحنون: اللهم ولّ هذه الأمة خيرها، وأعدلها. فكان هو الذي ولي بعده. وذكر غريب الكاتب في تاريخه: أن سحنون مرّ يومًا بابن أبي الجواد، فدار منه. فقال: اللهم لا تمتني، حتى أراه بين يدي قاض عدل يحكم فيه بالحق. فعزل وولي سحنون، فامتحنه. فقال الناس: أجيبت دعوته. ولما أراد محمد بن لأغلب أن يولي سحنون، جمع الفقهاء للمشاورة. فأشار سحنون سليمان بن عمران، وأشار سليمان