وحده. وكان قد جمع أشتات الفضائل مع رفعة المنصب، وعزة القدر والعلم والرحابة والأدب، وعزة النفس، ولم يكن من نمطه بالأندلس، أكثر كتبًا منه، ولاه المعتمد خطة المظالم، الخاصية. ثم وليَ القضاء بقرطبة، بعد موت يونس بإجماع أهلها عليه. وكان حميد السيرة، شديد المذهب صليب القناة، حمي الأنف، رامه الرئيس ابن جهور، على أخذ مال الأوقاف، لينفقه على المصالح. فلم يوافقه عليه. وألحّ ابن جهور عليه. فلم يساعده، وسد بابه عن الحكم، فاحتشم منه. وتوفي سنة خمس وثلاثين مخترمًا أول كهولته. ولم يكمل أربعين سنة. مولده سنة خمس. فحزن الناس لفقده. وأرغبوا لجنازته. وانهاروا لقبره، مع رئيسهم ابن جهور، ورثاه جماعة منهم، أبو الوليد بن زيدون بقوله:
أعجب بحال السرو كيف تحال … ولدولة العلياء كيف تدال
لا تفسحن للنفس في شأو المنى … إن اغترارك بالمنى لضلال
يا قبره العطر الثرى لا يبعدن … حلو من الفتيان فيك حلال
ما أنت إلا الجفن أصبح طيه … نصل عليه من الشباب صقال
مَن للعلوم فقد هوى العلم الذي … وسمت به أنواعها الأغفال
مَن للقضاء يعزّ في أثنائه … إيضاح مظلمة لها إشكال
وُدّعتَ عن عمر عمرتَ قصيرَه … بمكارم أعمارهن طوال
[أبو المطرف عبد الرحمن بن أحمد بن مختار بن سهر الرعيني]
قال ابن حيان: كان عفيفًا متصاونًا يقظانًا، ذكيًا متصرفًا لمعاني الفقه، بصيرًا بالحساب من أهل بيت نباهة، بقرطبة. توفي سنة أربع وأربعين، وهو ابن أربعين سنة. تقدم ذكر أبيه.