الحصير، لأفرشه إليه. فلم يجلس عليه، وجلس على الأرض. وكان إذا أصابه مفروشًا جلس عليه. قال بعض أصحابه: أراد عيسى أن يخرج الى بعض المواضع. فدخلت أخرج متاعه، فلم أجد غير آنيتين. أحدهما، بخلّ. والأخرى بزيت. فقال أصبب الخلّ على الزيت، فقال: هذا أخف. حمل آنية واحدة، من حمل اثنتين. ثم نظرت الى كوة في بيته، وفيها آنية صغيرة على فمها جلد مطبوع عليه. فقال: دعها حيث وجدتها. فسألته عنها، فحاد عن الجواب، وألححت عليه. فقال: كنت عند هذا. يعني: ابراهيم الأمير. فرآني أتوجع فسألني فأخبرته أني أجد رواحًا باطنة. فقال: أعطيك دواء يقطعها. فأمرني بهذا. فاستعفيت. فقال: أعرف مذهبك. خذها وأتني بدرهم ثمنها. فانصرفت. وبعثت إليه بالدرهم، وأغناني الله سبحانه عنها. وحكى ابن دبوس حاجبه، قال: جئته يوم خميس أو جمعة. وقلت: اليوم يتفرغ فأؤنسه. فقرعت عليه الباب، ففتح منه فردًا، ووقفت. فإذا هو مؤتزر بكسائه، يغسل جبته. فقال لي: يا أخي، ما جاء بك. قلت: أردت أن أؤنسك، وأراك مشغولًا. فاتركني أستقي لك الماء، وتغسل أنت. أو تستقي وأغسل أنا. فقال: يا أخي، قعدت بلا شغل. ورد الباب. وكان ذلك كله في قضائه رحمه الله تعالى.
[باب في حكم من نظمه ونثره]
كان يقول: أشرف الغنى ترك المنى. من قاسى الأمور علم المستور. من حصّن شهوته صان قدره. من أطلق طرفه كثر أسفه. في تقلّب الأحوال، علم جواهر الرجال. بحسن التأني تسهل المطالب. الحسن النية