في العبادة، موصوفًا بالعقل والعلم. وكان مما شغل به نفسه، ذكر فضل الصحابة والثناء عليهم، لانتشار أمر المشارقة، فما كان أحد يذكر الصحابة إلا في داره. وكان يقول: رأيت عمر بن الخطاب في المنام فأمّنني.
[ذكر بدايته وعبادته وشمائله]
قال: وكان أبو إسحاق في ابتداء أمره، ولزومه العبادة، كثير الانزواء عن الناس. وكان مروان بن منصور الزاهد، مشهورًا. فكان الاختلاف إليه، الى أن مات. فانكشف أبو إسحاق. قال بعضهم: كان يخلو في مسجد أبي الحكم عشرين سنة، يخلو فيه بالعبادة، قبل أن يعرف. ولزم من سنة وثلاثمائة. قال الخراط: ما علمت أنه خرج من باب داره، منصرفًا من أيام أبي يزيد، حتى توفي. ولما أخبر بموت مروان، استرجع، وقال: كشفني. وكان يقول: لو علمت أن الأمر ينتهي الى هذا - يعني لما انخرق عليه من أمر الناس - ما كان إلا الأمر الأول. - يعني البعد منهم - وكان يقول: إذا كان هكذا، فمتى يعمل الإنسان؟ ويقول: هذا أمر قد نزل - يعني اختلاف الناس إليه - لا يزيله إلا الموت. قال: فلما اشتد أمر بني عبيد، وفتح دعاتهم أبوابهم، ودعوا الى كفرهم، قال أبو إسحاق لأصحابه: افتحوا باب داري، نأخذ في ذمهم، والتحذير منهم. وكان في ابتداء أمره، وانفراده، يقتات بعمل القصارة. يقصرها على بئر في داره. قال: وكان الرزق أبطأ علي مرة. فقالت لي نفسي: تعرّض للرزق. فخرجت، فسمعت معلمًا يقرئ صبيانًا هذه الآية: ولقد خلقنا فوقَكم سبعَ طرائِقَ وما كنّا عنِ الخلقِ غافلين. فانتبهت من ذلك