الاعتبار الأول أن نبين جمع مالك لدرجات الاجتهاد في الدين وحوزه خصال الكمال في العلم، وبلوغه في ذلك المنزلة التي لم يبلغها أحد من هؤلاء المقلدين، قاصدًا بذلك مقصد الحق غير راكن إلى التعصب قائمًا بالصدق ومقتصدًا فيما أذكره من ذلك غير مستبيح عرض أحد من الأئمة، وقاده الخلق.
وها هنا معارك النزاع والاعتلاج ومثار العناد واللجاج.
فأقول والمستعان الله: لا خفاء على منصف من الإمامة في علوم الشريعة وعلم الكتاب والسنة وأنه إمام المسلمين وأعلمهم في وقته بسنة ماضية وباقية وأمير المؤمنين في الحديث ثم العلم بالاختلاف والاتفاق، وهذا كله ما لا ينكره مخالف ولا مؤالف إلا من طبع على قلبه التعصب، وأنه القدوة في السنن وهو أول من ألف فأجاد التأليف ورتب الكتب والأبواب وضم الأشكال وصنع من ذلك ما اتخذه المؤلفون بعده قدومًا وإمامًا، إلى وقتنا هذا في أقطار الأرض، هذا مع صفوة الابتداء وخيرة الاختراع وهو أول من تكلم في غريب الحديث وشرح موطئه الكثير منه، وقد قال الأصمعي أخبرني مالك أن الاستجمار هي الاستطابة ولم أسمعه إلا من مالك، وله في تفسير