ليعتصم به من ظلمة نالته، ثم انقبض وخرج حاجًا، فقضى الفريضة وأشبع في المعرفة. قال ابن القوطية: كتب أولًا لوالي بلده، ثم رغب عن ذلك ومال إلى العلم، وقال: أن المصعب القاضي إنما استكتبه بعد صدوره من المشرق. وحكى عن مالك أنه كان يقول: انظروا في هذه الكتب ولا تخلطوها بغيرها. يعني الموطأ. وكان يحيى بن يحيى كثيرًا ما يحكى عنه، عن مالك من ذلك أنه سأل مالكًا عن لبن الأتن فلم ير به بأسًا.
[الثناء عليه]
قال: كان يحيى بن يحيى، أشدَّ الناس تعظيمًا لمحمد بن بشير، وأحسنهم ثناء عليه. في حياته، وبعد وفاته. ولقد سئل عن لباس العمائم فقال: هي لباس الناس بالمشرق، وعليه كان أمرهم في القديم. فقيل له لو لبستها، لتبعك الناس. فقال قد
لبس محمد بن بشير الخزّ، فلم يتبع فيه، وكان ابن بشير أهلًا أن يقتدى به. وذكره ابن القوطية فقال فيه، خير القضاة بالأندلس، وأفضلهم وأعدلهم. وقال عبد الملك بن حبيب: كان ابن بشير، من خيار المسلمين. ووصف عدله وفضله، قال: وكان يصلي بنا الجمعة، وعليه قلنسوة خز. قال ابن حارث: من مستفيض الأخبار التي لا يتواطأ على مثلها، لسعة الاجتماع عليها، أنّه كان من عيون القضاة الهداة، ومن أولي السداد والمذاهب الجميلة، وأصالة الرأي والسيرة العادلة، والذكر