ونفضها، فقلت لأهل القصر: شيخ مثل هذا الساكن بين أظهركم، يخدم نفسه. فقالوا لي يا أبا بكر، له معنا أربعون سنة. ما طبخ فيها قدرًا. ولا أوقد سراجًا. وراح يومًا في قميص زوجته، وصلى الجمعة. وكان غسل قميصه ولم يجد سواه. فقيل له في ذلك. فقال: ما علمت منها إلا خيرًا. لطاهرة عفيفة. وكان كثير الصدقة والمعروف، مع قلة ذات يده. ﵁ تعالى.
[ذكر ما كان من كرامته ودعواته ﵁]
قال محمد بن بشر المؤدب: مضى بي أبي وأنا صغير الى المرابط بقصر الطوب، فدخلنا على جبلة. فقال لقد أضمرت اليوم أن أفطر. وسألت الله أن يأتيني بمن أفطر معه. فأخذ شقفة وجعلها على النار، وطبخ فيها عصيدًا. فأكلنا فيه. فكانت قدرنا وصحفتنا. ثم قال: يا بني اشتهِ ما شئت. فخطر ببالي تين أخضر، وليس بزمانه. فذكرت ذلك. فمد يده جبلة في قلة فأخرج لي خمس تينات خضر. قال أبو ميسرة: كنت آتي الى جبلة. فأستأذن عليه، فأسمع معه كلامًا غير كلامه. فأدخل، فلا أرى معه أحدًا، فأسأله عن كتاب لأختبر من في البيت. فيقول لي: خذه من البيت. فلا أجد في البيت أحدًا فكان يذكر أنه يجتمع بالخضر. وأمر يومًا فتى بشيء، فلم يفعل. فقال له: سمّاك أبوك حربًا ويلقى الناس منك شرًا. أو نحو هذا. فبعد قريب، تولى الحرس بالقيروان. وقال لآخر من أصحابه: ليس تكون إلا أشرّ من أبيك. وكان أبوه على الحرس. فبعد ذلك شرُف الفتى. ودخل على جماعة من أصحابه، وهم