صحب الصالحين فأخذ بسيرتهم. ورفض الدنيا ولزم منزله. وهجر الناس، وأقبل على صلاته وعلمه، حتى أتاه اليقين. وكان يذهب في الماء مذهب العراقيين. قال ابن الفرضي: كان لا يسند حديثًا. فإذا سئل عن سند حديث قال: يا ابن أخي، إنما هي بتر. فكان من الناس من يحمل ذلك منه على الانقباض، ومنهم من يحمله محملًا قبيحًا. قال: وسمعت محمد بن أحمد بن يحيى، يسيء فيه القول، وينسبه الى الضعف. وتوفي سنة تسع وخمسين وثلاثماية. ورثاه أخوه.
[أبو بكر يحيى بن هذيل]
الشاعر، سمع مع أخيه من رجاله، والأندلسيين، وغلبت عليه صناعة الشعر. فكان شاعر وقته، غير مدافع. وطال عمره فسمع منه. قال ابن مفرج: وكان عالمًا نزيهًا فصيحًا، حافظًا للفقه، راوية للحديث والخبر. ظاهر البشارة، من ملبس ومركب، حسن الحديث، ذا عفة وتقى، كثير التلاوة للقرآن. وكان القاضي ابن زرب، يفضله ويزكيه، ويرد عليه المتخاصمين من جيرانه كثيرًا، ليصلح بينهم. سمع منه ابن الفرضي، وغيره، وكان الرؤساء يقدمونه ويبرونه. وعمي آخر
عمره، فدعي الى أن يقدح عينيه، فأبى من ذلك. وقال أبعدما أوجب الله لي الجنة، أدعها وأستأنف العمل؟ والله لا فعلت، ولأجعلن بقية عمري لله تعالى. وكان يكثر تلاوة القرآن بالنهار، والتهجد بالليل، وكان وضع على باب مستراحه، مسمارًا يتحسسه بيده ويضع فيه خاتمه، عند دخوله، حتى لا يناله شيء، إذ كان فيه منقوشًا: نجا بفضل الله تعالى يحيى. وقرأ عليه