للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلغه أن الطبني مد يده إلى بعض أصحابه. فخرج سحنون إلى الجامع، وسمع بذلك الناس، فأتوا إليه من كل جهة. فخرج الطبني من الجامع إلى داره. فكان ينظر في داره، وسحنون في الجامع على عادته، نحوا من أربعين يومًا، إلى أن توفي رحمه الله تعالى. وكتب زيادة الله ابن الأغلب إلى علماء أفريقية، يسأله عن مسألة، فأخبروه، إلا سحنون. فعوتب في ذلك. فقال: أكره أن أجيبه، فيكتب إلي ثانية، اشتغال لمعرفة ألأمراء. فقال له إبراهيم بن عبدوس، في مثلها: اخرج من بلد القوم، أمس لا تصلي خلف قاضيهم. واليوم لا تجيب في مسألتهم. فقال سحنون: أجيب رجلًا يتفكه بالدين، ولو علمت أنه يقصد الحق، أجبته. وذلك قبل قضائه.

[ذكر محنته]

قال غير واحد من العلماء بالأثر: كان سحنون قد حضر جنازة. فتقدم ابن أبي الجواد، الذي كان قاضيًا قبله. وكان يذهب إلى رأي الكوفيين، ويقول بالمخلوق. فصلى عليها. فرجع سحنون ولم يصل خلفه، فبلغ ذلك الأمير زيادة الله. فأمر بأن يوجه إلى عامل القيروان، يضرب سحنون خمسمائة سوط. ويحلق رأسه ولحيته. فبلغ ذلك وزيره علي بن حميد. فأمر الوزير أن يتوقف، ولطف حتى دخل على

الأمير وقت القائلة، وقد نام. فقال له ما شيء يلغني في كذا. قال: لا تفعل. فإ، العكي إنما هلك في ضربه للبهلول بن راشد. فقال: وهذا مثل البهلول. قال: نعم. وقد حبست البريد شفقة على الأمير. فشكره، ولم ينفذ أمره. وبينما

<<  <  ج: ص:  >  >>