للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: وكان ابن ذكوان ضابطًا للحق، صليبًا فيه، لا تأخذه لومة لائم. وكان الناس والخصوم يلتزمون في مجلسه من الوقار وغضّ الصوت الغاية. وكانوا يقربون إليه الأول فالأول بأسمائهم، قد قيد ذلك في جريدة فمن ضاق عنه أول يوم الوصول، دفعت إليه رقعة ترتبه للغد، على الرسم القديم للقضاء. ومن نوادر الخبر أن أبا بحر أنس بن أحمد بن فرج الجياني الشاعر، خاصم عند أبي العباس وقتًا فجعل يرفع صوته، ويستطيل، ويحسر عن ساعديه، بخلاف الرسم، فنهاه أبو العباس عن ذلك وأمره بقبض ذراعه. فلما انقضى المجلس ناوله أبو محمد رقعة لوقته فيها:

أسأت أبا العباس تأديبًا … فاتك معامله وقف علي فتكات

تؤنبني إن لاح مني ساعدي … مبسم في ظهر كل شدات

ولست من الصنف الذي قيل فيهم … ولم تك إن أنصفتني بصفاتي

يخبئن أطراف البنان من التقى … ويخرجن شطر الليل معتجرات

فلما قرأها ابن ذكوان وجم. وقال: تكلم بكلتا يديك ورجليك فلا حرج عليك.

[محنته ووفاته ]

ولما قتل واضح - الصقلي الحاجب - المهدي، وبايع الناس لهشام المؤيد خلافته الثانية، وقام واضح بأمره وحجابته، والبرابرة مع سليمان المستعين يفاتنون قرطبة، ويرومون دخولها. وكان هوى بني ذكوان في جماعة الناس الى السلم وصلح البرابرة وصاحبهم. فيقال إن ابن ذكوان نصح

<<  <  ج: ص:  >  >>