فعليها أن تأتي بما يقابلها ذلك ويكافئ شهادته، فإن نكلت فكأنها صدقت شهادته، بخلاف مجرد الإقرار، وبه قال أبو عمران، ولابن الكاتب في ذلك تأليف طويل نص فيه فتياه وبيّن وجه قوله.
[خبر قتله رحمه الله تعالى]
ولما قتلت الرافضة سنة سبع وأربعماية، وكان ابتداء ذلك يوم الجمعة منتصف محرم مفتتحها، وهو يوم كان وصول المعزّ بن باديس الى القيروان فيه، بعد موت أبيه واستفتاح ولايته، فقتلت العامة الرافضة أبرح قتل بالقيروان، وحرقوهم وانتهبوا أموالهم وهدموا دورهم وقتلوا نساءهم وصبيانهم وجروهم بالأرجل، وكانت صيحة من الله سلطها عليهم، وقال إن عامل القيروان منصور بن رشيق كان يمشي كأنه يسكن الناس وهو يشير على العامة، وأفتق الأمر فلم يقدر السلطان على ضبطه وولي عاملًا آخر فتعذر عليه سده، وخرج الأمر عن القيروان الى المهدية وسائر بلادهم، فقتلوا حيث وجدوا وأحرقوا بالنار فلم يترك أحد منهم بمدن إفريقية وأعمالها إلا من اختفى. ولجأت الرافضة الى مساجد البادية فقتلوا فيها أبرح قتل وهدموا دار الإمارة بالمنصورة، وتعدت العامة ذلك الى جماعة من أهل السنة من غيرهم. فلقد حكي أن العامة جاءت تتعلق برجل منهم اتهموه برأيهم فمروا به على شيخ من العامة بسألهم عن تعلقهم به، فقالوا نسير به الى الفقيه أبي علي ابن خلدون فنأخذ عليه بما يأمرنا به، فقال لهم الشيخ العامي لمَ لا تقتلوه الآن فإن كان رافضيًا أصبتم وإن كان سنيًا عجلتم بروحه الى الجنة من الآن؟ أو كما قال. وحكي أنه رئي يتبع واحدًا منهم ليقتله، فقيل له ما تصنع؟ فقال هذا زنديق يفضّل علي ابن الخطاب على عمر ابن أبي طالب