سكرًا. فلما رأى القاضي، أراد الفرار، فخانته رجلاه. فاستند الى الحائط، وأطرق. فلما قرب منه القاضي، رفع رأسه وأنشأ يقول:
ألا أيها القاضي الذي عم عدله … فأضحى به في العالمين فريدا
قرأت كتاب الله تسعين مرة … فلم أر فيه للشراب حدودا
فإن شئت أن تجلد فدونك منكبًا … صبورًا على ريب الزمان جليدا
وإن شئت أن تعفو تكن لك منّة … تروح بها في العالمين حميدا
وإن أنت تختار الحدود فإن لي … لسانًا على هجو الرجال حديدا
فلما سمع القاضي شعره، أعرض عنه ولم يأمر، ومضى لشأنه كأن لم يره.
[ذكر نبذ من أخباره وطرف من أشعاره]
مما أمر أن يكتب على سريره:
لا يغرنّك يا محمد ليل … بت فيه على فراش وثير
منعم البال مطمئنًا فلا بُ … دّ من النعش بعد هذا السرير
كم فتى منهم وكهلًا وشيخًا … ألحدَتْه كفاك وسط الحفير
وتذكّر بني أبيك أبي عيسى … ذوي الجاه والعدد الكثير
وتفكّر في تعب موت أبي بكر … ففي ذلك أعظم التفكير
قدم الزاد للمعاد ولا تن … س إذا ما بطشت بطش القدير
واتق الله واعلم هذه الأيا … م واعمل ليوم النشور
قرّب الموتَ منك مرُّ الليالي … وأرى النقص منك واضح التعبير