للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجبنياني، وسمع من مسرة اللبيدي، وعطية بن مسلم الصفاقسي، وولد أبي إسحاق الجبنياني، وعالم كثير. ورحل إليه الناس من الأقطار. قال اللبيدي: ولم يترك مسرة من اجتهاده في العبادة شيئًا. وكان من النوّاحين على أنفسهم، حتى تستقر الدموع في موضع سجوده. حتى يسقط من قامته فيتهشم وجهه. وكان أبو إسحاق يوثقه في العلم، ويأمر ولده وغيره، بالسماع منه. قال المالكي: كان رجلًا صالحًا فاضلًا ناسكًا مجتهدًا. طويل الصلاة. وكان بسّامًا لجلسائه، ذا حزن وبكاء، إذا خلا. سمع من محمد بن عمر، ورحل سنة ثلاثماية مع أخيه، فسمع من النسائي، ومحمد بن زيان، وأبي محمد بن الجارود،

ومأمون، وأبي الطاهر بن مهدي القاضي، ومحمد بن رمضان، وابن الأعرابي، والإيلي، وأبي عبد الله بن الربيع الجيزي، وأبي القاسم البغوي. .

[ذكر عبادته وزهده وأخباره]

قال اللبيدي: أقام مسرة ستة عشر عامًا في دكان، في زاوية البيت، لا ينزل إلا لحاجة الإنسان، يتلو ويبكي ويتكلم بالحاجة إشارة. وكان في ابتداء أمره، يختم ختمة بالنهار، وأخرى بالليل، أقام على ذلك أربعين سنة، ثم ضعف. فكان يختم ختمة سائر ليله ونهاره. ولقد رأيته يومًا يقرأ ويبكي، وأن دموعه تجري على الأرض، وكان من الخائفين. وكان يسمع التعبير وربما تغير منه، فبكى. ويقيم أيامًا لا ينتفع به. قال مسرة: كنت في شبيبتي أورق، فغلا الرق، فوقف بي هاتف فقال: أبا بكر، إذا غلت الرقوق يرخصها لك العلام الرفيق. ولما احتضر ، ابتدأ القرآن، فانتهى في طه، الى قوله تعالى: وعجِلتُ إليك

<<  <  ج: ص:  >  >>