للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر مكانه من العلم ]

قال ابن مفرج: وكان أفقه أهل زمانه، وأتقنهم للرأي، وكان أحفظ الناس لمذهب مالك ، واختلاف أصحابه، لا يلحقه أحد من المتقدمين في عصره، ولا يقوم به أحد من طبقته، وكان متفننًا في علوم الشريعة، وأطلب الناس لنجاة الناس عند مضائق الفتيا. وكان في الحفظ آية من آيات الله ﷿. أقرّ له أصحابه كلهم بذلك. وكانوا يقولون: أبو عمر ابن المكوي أحفظ منا للعلم كثيرًا. وسمع أبو محمد ابن الشقاق الفقيه يوم دفنه يقول على قبره: رحمك الله يا أبا عمر، فلقد فضحت الفقهاء بقوة حفظك في حياتك، ولتفضحهم بعد مماتك، أشهد أني ما رأيت أحدًا أحفظ للسنة كحفظك، ولا علم من وجوهها كعلمك. وكان ابن زرب على تقدمه يعترف له بذلك. ولقد قال يومًا لأصحابه، بعد خروجه عنه وثنائه عليه في وجهه: يا أصحابنا الحقُّ خيرُ ما قيل، أبو حمر والله أحفظ منا كلنا. ولقد كانت أعيتهم مسألة عويصة، فسأله القاضي، هل يذكرها قال نعم، في كتاب كذا من المبسوط في باب كذا آخر مسألة منه، أو كما قال. فطلب منه الكتاب فإذا بها كما ذكرها، قال غيره: وعلى أبي عمر دارت الفتيا بالأندلس أجمع الى أن هلك، وكان

في ذريته فيما جرى على يديه أحصى العجائب، وكان تمامًا في ذهنه وفطنته، لطيف الحياة في الإصلاح بين الناس. قال أحمد بن الليث: كان أبو عمر من أهل الحفظ والفهم الثاقب، مع الذكاء والفطنة وحدة الذهن، حتى كان يشبه بإياس بن معاوية ونظرائه. ظهرت له من ذلك في فتاويه أمور عجيبة، قال القاضي أبو الفضل عياض : وعظم قدر أبي عمر بالأندلس كلها، وصار معتمدًا لجميع قضاتها وحكامها فيما اختلفوا فيه. ودعاه ابن أبي عامر الى تقليد قضاء الجماعة

<<  <  ج: ص:  >  >>