وكان ممن انقطع وأخذ في وعظ الناس وتحذيرهم. وكان يجتمع إليه، ويسمع منه حتى حضره
صاحب القيروان. فحكى أبو الطيب بن الكماد الأديب القيرواني: أن المعزّ صاحب القيروان كان تحيل حتى استعار منه بعض كتبه، يريد أن يطلع شيئًا منها، فأقامت عنده أيامًا، ثم ردها إليه، لأنها السبب. وأحسبه بخط فيها: زعمت ملوك الفرس، وحكماء السند والسياسة، أن أهل المعرفة والوعظ وتأليف العامة، وإقامة المجالس أضرّ الأصناف وأقبحهم أثرًا في الدول. فيجب أن يتدارى أمرهم، ويبادر الى حسم الإيذاء منهم، وأبلغ ما يكون في ذلك، عرض المال عليهم، فإذا قبلوه، كفي أمرهم. ففهم ابن عبد الصمد، أنه قصده بذلك، فاستعمل الخروج الى الحجّ، وخرج معه من عامه. ثم عاد فأخذته الفتنة الناشئة، بالقيروان وهو به.
[أبو الحسن بن سليمان]
سكن المهدية، وكان خير فقهائها، في هذه الطبقة. فأخذ على التونسي ﵀ في نازلته.
[عبد الحق بن محمد بن هارون السهمي القرشي]
أبو محمد. من أهل صقلية. تفقه بشيوخ القرويين والصقليين. فمن شيوخه بصقلية: أبو بكر ابن أبي العباس، والفقيه أبو بكر بن عبد الرحمن، وابن عمران الفاسي، وعبد الله بن الأجدابي، وأبو عبد الله مكي القرشي. وتفقه مع التونسي والسيوري، وبابن بنت ابن خلدون وغيرهم، وحجّ مرتين. فلقي في إحداهما أبا محمد عبد الوهاب بن نصر، وأبا ذر الهروي،