للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: صدقت، من أين علمت ذلك؟ قال: قاله الفقيه الذي بموضع كذا. فسأله عن صفته، فوصفه. فاستدل على الرجل فعرفه، وإذا به يلقب بديك البادية، فوتأت له المعارضة، فبدّل له الدجاجة وقال له: اذهب الى ذلك الرجل، واسأله أن يعطيك الديك الذي سيق له أمس من البادية، يأتيك منه نسل جيد، فانطلق المعتوه الى ذلك الرجل الزيدي، فأصابه في جماعة، فأراه الدجاجة، وقال: أعطني أنت ديك البادية الذي أتاك، يكون زوجًا لها. فعلم ما أراد، فتغير، وانتهر المعتوه، فازداد تعلقًا به، وجعل يبكي ويلطم وجهه، ويحلف أن لا يزول إلا بالديك، فاضطر الى أن أخرج له ديك داره، الذي يوقظه للصلاة فداء من حمقه، فأخذه وانطلق، وجعل الزيدي يقول: لعمري لقد انتصف مني ابن أبي عيسى، ثم سار إليه، واعتذر له، فقال القاضي: واحدة بواحدة والبادئ أظلم. وذكر القاضي يوسف بن مغيث عن أبيه، أنه شاهر القاضي ابن أبي عيسى في

بعض بل في دار بعض بني حدير، وقد خرجوا لحضور جنازة على فرش هناك، وجارية للحديري تغنيهم:

طابت بطيب لثاتك الأقداح … وزها بحمرة خدك التفاح

وإذا الربيع تنسّمت أرواحه … طابت بطيب نسيمك الأرواح

وإذا الحنادس ألبست ظلماءها … فضياء وجهك في الدجى، مصباح

قال: فكتبها القاضي ببطن كفه. ولقد رأيته كبّر للصلاة، وهي ببطن كفه مكتوبة. وأخبار ابن أبي عيسى وأشعاره كثيرة. وتوفي ابن أبي عيسى في آخر خرجة. أخرجه الناصر الى الثغر سنة تسع وثلاثين وثلاثماية بمغيره من طليطلة. وبها دفن منسلخ صفر، وسنّه أربع وخمسون سنة. مولده نصف ذي الحجة: سنة أربع وثمانين ومايتين.

[أبو عيسى يحيى بن عبد الله، أخوه]

غلبت عليه الرواية. سمع من عم أبيه، عبيد الله بن يحيى، ومحمد

<<  <  ج: ص:  >  >>