للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيخ بجبنيانة تقول هذا؟ فبكى أبو حامد، وقال له: لو تكن هكذا لم آتك. وكان أبو حامد هذا يقول: رأيت بالمغرب أربعة ما رأيت مثلهم، علي بن محمد بن مسرور الدبّاغ. فلم أرَ أكثر حياء منه. وأبا إسحاق السبائي، فلم أرَ أعقل منه، وأبا الحسن الكانشي، فلم أرَ أظهر حزنًا منه. وأبا إسحاق الجبنياني، فلم أرَ أزهد منه. وكان إذا رأى اجتماع الناس يقول: كانت أمي رحمها الله، خادمًا وثمنها كذا وكذا، ويذكر ثمنها نزرًا. وكانت صلاته صلاة العلماء، تامة موجزة. وكان مع سعة علمه، يأخذ بالجد والاجتهاد، وما يخرجه من الخلاف، ونسي يومًا الإقامة من بعض الصلوات. فلما سلم، قال لمن خلفه: إني نسيت الإقامة، ولا يلزمكم عندي إعادة. وأنا أعيد صلاتي. لأخرج من اختلاف العلماء. فاحتاط لنفسه . لأن عطاء ابن أبي رباح، والأوزاعي وغيرهما، يريان الإعادة، على من نسيها. أجمعين، وغفر لهم وبالله التوفيق.

[ذكر آياته وإجابته وفضائله، وهيبته، وتوكله]

قال: وكان العلماء، ، بالقيروان وغيرها، والفضلاء يقصدونه ويزورونه ويتبركون برؤيته، ويسألونه الدعاء لهم. وكان أبو محمد بن أبي زيد، يقول: قوي قلبي إذ بلغني أنه يدعو لي. وكان أبو الحسن القابسي وغيره بقصده. قال أبو الحسن: لما سافرت إليه، أول سفرة، وقربنا من جبنيانة. دخل في قلبي منه رعب وهيبة عظيمة، وقلت لأصحابي: أخشى أن يجري على لسان هذا الشيخ، من أحوالنا شيء يظهره الله للناس، أو كلامًا هذا معناه. فوجدناه غائبًا ليصلي على جنازة.

<<  <  ج: ص:  >  >>