عالمًا بالنوازل، كان ابن لبابة يقول: لم يكن أحد هاهنا يتكلم مع العتبي في الفقه، ولا كان أحد بعده يفهم فهمه، إلا من تعلّم عنده. قال ابن عبد البر: كان عظيم القدر، عند العامة. معظمًا في زمانه. روى عنه محمد بن لبابة، وأبو صالح، وسعيد بن معاذ، والأعناقي، وطبقتهم. قال الصدفي: كان من أهل الخير والجهاد، والمذاهب الحسنة. وكان لا يزول بعد صلاة الصبح من مصلاه، الى طلوع الشمس، ويصلي الضحى. ولا يقوم أحدٌ في الأثر على من أتى قبله.
[ذكر المستخرجة]
قال ابن لبابة: وهو الذي جمع المستخرجة. وكثر فيها من الروايات المطروحة، والمسائل الشاذة. وكان يأتي بالمسائل الغريبة، فإذا أعجبته، قال: ادخلوها في المستخرجة. وقال ابن وضاح: سألت ابن وهب عن مسألة، فذكر لي فيها عن أصبغ رواية. فمررت بالعتبي، فسألته عنها. فلم يحفظ فيها رواية. فأخبرته بما قال لي عبد الأعلى، عن أصبغ. فدعا بالمستخرجة، فكتبها فيها. ثم لقيت بعد عبد الأعلى، فقال لي: وهمت في المسألة عن أصبغ. ليست كذلك. وقال ابن وضاح: وفي المستخرجة خطأ كثير. وقال أسلم بن عبد العزيز: قال لي محمد بن عبد الحكم: أتيت بكتب حسنة الخط تدعى المستخرجة، من وضع صاحبكم العتبي، فرأيت جلّها مكذوبًا. ومسائل لا أصول لها. ولما قد أسقط وطرح، وشواذ من مسائل المجالس، لم يوقف عليها أصحابها. فخشيت أن أموت، فتوجد في تركتي، فوهبتها لرجل يقرأ فيها. قال أحمد بن خالد: قلت لابن لبابة: أنت تقرأ هذه المستخرجة للناس، وأنت تعلم من باطنها ما تعلم فقال: إنما أقرأها لمن أعرف، أنه يعرف خطأها، من صوابها. وكان أحمد،