الباجي، وطبقته، ووليَ الشورى بقرطبة. فلما كانت الفتنة خرج عن قرطبة. فاستدعاه مجاهد الموفق - صاحب دانية والجزائر الشرقية - فرضيه خليفة، وأخذ له على الناس البيعة. فكان يخطب بنفسه في الجمع، ويصلي. فلم يستجب أحد من أمراء الفتنة لدعوة مجاهد له. وخرب ما بينه وبين مجاهد فهمّ بالقبض على مجاهد. فبادر به مجاهد، وأخرجه عن الأندلس الى ساحل إفريقية، بجهة بجاية، فاستقر هنالك، خاملًا فخفي شأنه، يؤدب الصبيان الى أن مات. حكى أبو علي ابن ذكوان: أن المعيطي كان يختلف الى أبي محمد الباجي بقرطبة، أيام كونه بها. وله منه منزلة. فقال له الباجي يومًا: يا قرشي كأني بك قد أثرت فتنة وتقلدت إمارة، إلا أنك قليل المتعة بها. فاستعذ بالله من شرها. فوجم المعيطي وقال له: من أين يقول الشيخ هذا؟ ويعلم الله بعدي منه. فقال: رأيتك في النوم، توقد نارًا حطبها زرجون، لم تلبث أن خمدت فأوّلتها ذلك. وكانت وفاته بموضع خموله، سنة اثنتين وثلاثين وأربعماية. ﵀.
[أحمد بن عمر بن عبد الله بن منظور الحضرمي]
إشبيلي. أبو القاسم، يعرف بابن عصفور. كان ببلده فقيهًا مشاورًا خطيبًا فاضلًا، صالحًا زاهدًا، عاقلًا، من أهل العلم والأدب، يروي عن أبي محمد الباجي، ونمطه. وكان شاعرًا مطبوعًا. ذكره أبو عبد الله ابن الحصار، وحدث عنه. وقال أبو حيان: توفي الأديب الخطيب الناسك ابن عصفور، صاحب صلاة إشبيلية، وكان ناسكًا في الورع والعلم والحكاية، سنة عشر وأربعماية، ببلده، ﵁.