فجاءته الولاية يوم وفاته وكان موصوفًا ببر والدته، حتى أنه أسخط أباه بإرضائها. لما وكلته بمخاصمته في حقوق ادعتها قبله - أيام فارقها - فرأيت في كتاب الإمام أبي بكر الطرطوشي: حكى لنا أستاذنا أبو الوليد الباجي، أن امرأة وكلت ولدها على زوجها في طلب مال لها عنده، فأبى. فاستشار الفقهاء بقرطبة. فأشار بعضهم أن يطيع أمه. فيتوكل لها عليه، مراعاة بأن مبرة الأم آكد للحديث الوارد في ذلك. فلعل هذه الحكاية التي حكاها أبو الوليد، هي في قصة أبي القاسم هذا، أو غيره، فالله أعلم. ولما كانت الحادثة في نكبة بني ذكوان، رؤساء قرطبة. وكان أبو القاسم هذا صديقًا لهم، أعظم ما جرى عليهم كما قدمناه عن ابن المكوى. فلحقه من الأمر جزع عظيم، اختلط من أجله، فاحتجب ستة أيام. وذلك سنة إحدى وأربعماية. وأبوه عم حي بعد، مكفوف البصر، فصلى عليه ثم مات بعده بيسير، في السنة نفسها. وظهرت في موت عمر هذا آية وكرامة، وذلك أنه عهد الى ابنه أن يدرجه في كفنه، دون قطن، فخالفه وألقى القطن. فلما سوي فوق أكفانه على المشجب للبخور طارت شرارة، أحرقت القطن فأخبر حينئذ ابن ابنه بالأمر. فكفن دون قطن. كما عهد ﵏. وأخوه ابراهيم بن محمد عم أبي القاسم، شيخ أديب له حظ من العلم. يكنى بأبي إسحاق، ﵀.
[أبو علي الحسن بن أيوب الأنصاري]
المعروف بالحداد. شيخ الشورى بقرطبة. ومقدم مفتيها لاسيما بعد موت صاحبيه، ابن الشقاق، وابن دحون. كان حافظًا للمسائل، والأجوبة. قائمًا بها على مذهب المالكية، عارفًا بالحديث بارعًا في الخبر والأدب.