قال محمد بن حارث في تاريخ الأفارقة، وغيره من كتبه. كان أبو طالب لقنًا فطنًا. جيّد النظر. يتكلم في الفقه، فيحسن. حريصًا على المناظرة، فيجمع في مجلسه المختلفين في الفقه. ويغري بينهم لتظهر الفائدة، ويفهم عند نفسه، وربما يأمرهم. فإذا تكلم أجاد وأبان، حتى يود السامع ألا يسكت. إلا أنه كان إذا أخذ القلم، لم يبلغ حيث يبلغ لسانه. قال غيره: لم يكن شيء أحب لابن طالب من المذاكرة في العلم. قال ابن اللباد: ما رأيت بعيني أفقه من ابن طالب. إلا يحيى بن عمر. قال أبو العرب: وكان عدلًا في قضائه. صارمًا في جميع أمره. فقيهًا، ثقة، عالمًا بما اختُلف فيه. وفي الذّبّ عن مذهب مالك. ورعا في حكمه. قليل الهيبة في الحق، للسلطان. وما سمعت العلم قط أطيب ولا أحلى منه، من ابن طالب. وما أخذت عليه خطأ، إلا مسألة، اختلف فيها ابن القاسم وأشهب. فأتى بقوليهما. ولكن قلب قول كل واحد الى الآخر. وكان كثير الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
رقيق القلب، كثير الدموع. ولابن طالب من التأليف كتاب في الرد على من خالف مالكًا. وثلاثة أجزاء من أماليه. وكان ابتداء طلبه فيما ذكره ابن اللباد عنه. قال: كنت يتيمًا لا أب لي. وكنت آتي مع معلمي، الخميس والجمعة، وأنا إذ ذاك صغيرٌ، ذو جُمّة فقرئ يومًا عليه، في الموطأ اسم عمر بن حسين، في كتاب الزكاة. فقال سحنون: هذا كان يشاور في القضاء، أيام مالك. ثم قرأ القارئ، فبعد قليل، قال سحنون: كيف سحبت لكم الرجل، الذي كان يشاور في القضاء، أيام مالك. فقد نسيت اسمه. فسكت الناس. فقلت له أنا من موضع: هو عمر بن حسين أصلحك