قال عبد الرحيم الزاهد: قلت لأسد لما قدم علينا بكتب أهل المدينة وأهل العراق: أي القولين تأمرني اتبع واسمعه منك؟ فقال لي: إن أردت الله والدار الآخرة فعليك بقول مالك، وإن أردت الدنيا، فعليك بقول أهل العراق. وقال ابن حاري فكان هذا الرجل بعد يطعن على أسد بهذه القصة. وكان يقول الحق عنده في مذهب مالك. وكان يفتي بغيره. ولما غلب عمران بن مجاهد على القيروان، بعث إلى أسد أن اخرج معنا، فتمارض ولزم بيته، فبعث إليه: إن لم تخرج معي وإلا بعثت إليك من يجر برجلك. فقال للرسول: لئن أخرجتني لأنادين القاتل والمقتول في النار. فلما سمع ذلك تركه. قال بعضهم: بعث الأمير إلى أبي محرز وأسد، وهما قاضياه فأقبل أسد، فإذا أبو محرز ينتظره مع بعض الرسل، فقال كيف أصبحت أبا محرز؟ فلم يرد عليه شيئًا، وصار إلى الأمير، فأجلس أبا محرز عن يمينه وأسدًا عن شماله، ثم دفع صكًا إلى أسد ليقرأه، فلم يقرأ، باسم الله الرحمان الرحيم. فقال له أبو محرز: أخطأت. فقال أسد أيها الأمير لقيته فسلمت عليه فلم يرد علي السلام، ولم أقرأ إلا كلمتين فقال لي أخطأت. فنظر زيادة الله إليه، فقال أبو محرز: ما سلّم علي ولو سلّم علي لرددت عليه، وإنما قال: كيف أصبحت؟ وأصبحت مغمومًا فلو أخبرته لسررته. ثم دخل عليهم رجل فذكر للأمير أنه رأى كأن جبرائيل هبط من السماء، ومعه نور حتى وقف بين يديك وصافحك. وفي