إذ ذاك لزيادة الله: من بعد القضاء، والنظر في الحلال والحرام تعزلني وتوليني الإمارة؟ فقال: لا، ولكني وليتك الإمرة، وهي أشرف، وأبقيت لك اسم القضاء. فأنت أمير، قاض، فخرج إلى صقلية وظفر بكثير منها وتوفي وهو محاصر سرقوسة منها. وكان أيضًا قد غزا سردانية، فأشرف على فتحها، وحسده بعض من كان معه، فانهزم. وبلغ ذلك الأمير. فقال له: بلغني كذا. فهمّ لي من فعل ذلك معه، فلم يفعل. ولك خرج أسد إلى سوسة ليتوجه منها إلى صقلية، خرج معه وجوه أهل العلم والناس يشيعونه، وأمر زيادة أن لا يبقى أحد من رجاله إلا شيعه. فلما نظر الناس حوله من كل جهة، وقد صهلت الخيل وضربت الطبول وخفقت البنود، قال: لا غله إلا الله وحده لا شريك له، والله يا معشر المسلمين ما ولي لي أب، ولا جدّ ولا رأي أحد الناس من سلفي، مثل هذا. ولا بلغت ما ترون إلا بالإقلام فاجتهدوا أنفسكم فيها، وثابروا على تدوين العلم، تنالوا به الدنيا والآخرة. وحكى سليمان بن سالم أن أسدًا لقي ملك صقلية في مائة ألف وخمسين ألفًا. قال الرواي فرأيت أسدًا لقي
ملك صقلية في مائة ألف وخمسين ألفًا. قال الرواي فرأيت أسدًا وفي يده اللواء وهو يزمزم وأقبل على قراءة يس، ثم حرض الناس، وحمل وحملوا معه، فهزم الله جموع النصارى، ورأيت أسدًا وقد سالت الدماء على قناة اللواء.
حتى صار تحت إبطه، ولقد رد يده في بعض تلك الأيام فلم يستطع مما اجتمع من الدم تحت إبطه والله تعالى أعلم.