للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أبو حفص عمر بن عبادل الرعيني]

من كورة رية. قال ابن عفيف: كان من الزهاد المتبتلين، والعلماء الراسخين، بصيرًا بالفقه، وعقد الوثائق والحفظ للمسائل. له كرامات كثيرة، وكان كثير التواضع يهين نفسه ويحرث أرضه بيده، ويحتطب على ظهره، ويتصرف في جميع أموره، رافضًا للدنيا لا يشتغل بغير عبادة ربه. وكان مع ذلك بسيط الوجه، حسن الخلق. وكان العمال يبادرون الى بره يحمل مغرمه وأتيهم به لوقته، راضيًا بذلك من فعله. ويقول: حيف السلطان أرجح للميزان، وأنصف للجيران وأوفق للزمان. وينشد :

الله يدفع بالسلطان معضلة … عن ديننا رحمة منه ودنيانا

لولا الخلائف لم تأمن لنا سبل … وكان أضعفنا نهبًا لأقوانا

قال الفقيه معوذ الزاهد: اشتقت الى رؤية الشيخ أبي حفص ابن عبادل فخرجت أريده من موضعي، فباكر بالرؤيا بعثتني على لقائه. وبين موضعينا نحو من أربعين ميلًا فمشيت نحوه بقية يومي، وبعض ليلتي فرأيته من الغد فسألت عن منزله، فأرشدت إليه فاستأذنت، فقال لي ولده الأكبر: وكان - على سمته في الصلاح - أقول من؟ قلت: رجل نزاهة وعفة. من أحببته في الله تعالى. قصده ليلقاه فأذن. فدخلت إليه، فقام مبتهجًا وصافحني. وقال: مرحبًا بك أبا عمرو جئت جادًا على فاقة، وألطف مسألتي. وكنت لم أره قبل ذلك. فقلت: أصلحك الله بأي شيء عرفتني؟ فقال: أخبرت البارحة في النوم أنك تصافحني اليوم. وكنت أهوى لقاك، وما زلت منتظرًا لك منذ صليت الصبح. فقلت له: وأنا ما حملني على قصدك وتجشم السفر إليك إلا أني كنت في منامي، وقائلًا يقول أقصد منينانة من فحص رية وهي قرية ابن عبادل، فإن فيها وليًا من أولياء الله تعالى، يرغب

<<  <  ج: ص:  >  >>