للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال لهم: بل العابد أبو الحسن، والعالم البحر أبو إسحاق. قال أبو إسحاق: كان يخيل إليّ أن صاحب الشمال، لا يكتب عن أبي الحسن لطهارة قلبه، وعفة بطنه. وكان من أهل

التحقيق في معاني الولايات.

[ذكر أخباره وفضائله رحمه الله تعالى]

كان أبو الحسن قد ورث مالًا حلالًا. فأقام نفسه فيه مقام الفقراء، وأسوتهم. وكان يصرف في كل شهر أربعة دنانير، اثنين لصدقته، واثنين لنفقته. قال ابن الخلاف: وكان أصابه آخر عمره، بلغم منعه القيام على قدميه. فكان يحمل لحاجته، أو يزحف. فإذا جاءت الصلاة. أخذ بيده فاستوى قائمًا وصلى، وأتم صلاته دون إمساك، فإذا فرغ عاد الى حاله. وقال غيره: بت عنده ليلة، فسمعت حسّ ماء يقطر، فظننت أنه آنية ماء انكسرت. فقمت لأنظر ذلك، فإذا به قائم يصلي ويبكي. وإذا الذي سمعت دموعه، تقطر على الحصير. وكن بينه وبين السبائي صحبة، فلما خبر بموت السبائي، بكى كثيرًا. وقال: واكشفاه، اليوم انكشف. وكان أيام بني عبيد لا يؤذّن إلا على سنّة الأذان، ولا يقول حي على خير العمل. فحماه الله منهم. ولقد أذّن مرة. فخاطبته نفسه بقولها: وإن لم يقلها قتل، فقالها. فلما فرغ إذا أسود ناصد حربته بين كتفيه. إن لم يقلها طعنه بها، فعافاه الله. وكان يقول للناس: تمادوا على الأذان على سنته، في أنفسكم. فإذا فرغتم فقولوا: حي على خير العمل. فإنما أراد بنو عبيد خلاء المساجد، لفعلكم هذا - وأنتم معذورون - خير من خلاء المساجد. وكان يوم الجمعة يغتسل، ويلبس ثيابه، ويتطيّب. ويخرج حتى يصل الى الجامع، ويرفع عينيه الى السماء، ويقول: اللهم أشهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>